الآية 179 وقوله تعالى : ( ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب ) قيل فيه بوجهين ، وإلا فظاهر القصاص لا يكون حياة [ أحدهما : من تفكر ]{[2060]} في نفسه قتلها إذا قتل آخر ، ارتدع عن قتله ، فتحيا النفسان جميعا .
والثاني : من نظر ، فرأى يقتل بغيره ، امتنع عن قتل كل ، ففيه الحياة للأنفس جميعا . ولهذا نقول بوجوب القصاص في الأنفس كلها ، وإن اختلفت أحوالها ؛ إذ لو لم يجعل بين الأنفس على اختلاف الأحوال قصاص لم تكن في القصاص حياة . فأحق من يجعل فيه القصاص عند مختلف الأحوال بما يغضب الشريف على الوضع ، فيحمل غضبه على قتله ، فجعل القصاص له أو لما يستخف به .
وأما الوارث لما يطمع وصوله إلى مورثه ، [ فيحمله على ]{[2061]} قتله . فسبب القتل ليس ما يذكر ، لكنه شدة الغضب . وفي المواريث زيادة ، وهو ما يصل إلى ماله ، وفي الكافر من استخفافه بدينه من المقتول . فطلب فيه المعنى الذي فيه الإحياء ، وهو حرمان الميراث . فعلى ذلك التقدير : يقتل المسلم بالكافر لأن المسلم قد يستخف بالكافر في دار سلمه ، فيحمله استخفافه إياه على قتله ؛ ففيه معنى يدعو إلى الفناء ، فيجب أن يقتص من المسلم بالكافر لتحقيق معنى الحياة . وعلى هذا التقدير يقتل الحر بالعبد لأن الحر يستخف بالعبد ، فيدعوه استخفافه به على قتله ، فهو يقتل .
أو نقول : يقتل الولد بالوالد لما يستعجل الوصول إلى ملكه ، فيحمله على قتله ، فلزم حفظ ما لأجله الحياة . ثم في الوالد شفقة ومحبة تمنع الوالد عن قتل ولده لذلك انتهى عن{[2062]} القصاص ، وهذا معنى قوله صلى الله عليه وسلم " لا يقاد والد [ عن ولده " ]{[2063]} [ الترمذي 1400 ] ، وبالله التوفيق .
قال الشيخ رضي الله عنه الوالد يحب ولده لأنه يرغب أن يكون له ولد ، وأما الولد فإنما يحب والده له لنفسه ومنافع له ، فإذا كان [ الولد له ]{[2064]} لم يقتص منه .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.