وموسَى : اسم أَعْجميٌّ ، قال ابن إِسحاقَ : هو مُوسَى بْنُ عِمْرَانَ بْنِ يَصْهرَ بْنِ قَاهَثَ بْنِ لاَوى بْنِ يَعْقُوبَ بْنِ إسْحَاقَ بْنِ إبْرَاهِيمَ الخَليِلِ صلى الله عليه وسلم .
وخص الليالي بالذكْرِ في قوله تعالى : { وَإِذْ واعدنا مُوسَى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً }[ البقرة :51 ] إِذ الليلة أقدم من اليوم ، وقبله في الرتبة ، ولذلك وقع بها التاريخُ ، قال النقَّاش : وفي ذلك إشارة إلى صلة الصوم ، لأنه لو ذكر الأيام لأَمْكَن أن يعتقد أنه كان يفطر بالليل ، فلما نصَّ على الليالي ، اقتضت قوة الكلام أنه عليه السلام واصل أربعين ليلةً بأيامها .
قال : ( ع ) حدَّثني أبي رضي اللَّه عنه قال : سمعتُ الشيخَ الزاهد الإِمام الواعظَ أبا الفضل بْنَ الجوهَرِيِّ رحمه اللَّه ، يعظُ النَّاسَ بهذا المعنى ، في الخلوة باللَّه سبحانه ، والدنوِّ منه في الصلاة ، ونحوه ، وأنَّ ذلك يشغل عن كل طعامٍ وشرابٍ ، ويقول : أين حال موسى في القرب من اللَّه ، ووصالِ ثمانين من الدهْرِ ، من قوله حين سار إلى الخَضِرِ لفتاه في بعض يوم : { آتِنَا غَدَاءَنَا } [ الكهف : 62 ] .
( ت ) وأيضاً في الأثر أنَّ موسى لم يصبه ، أو لم يشك ما شكاه من النَّصَب ، حتى جاوز الموضع الذي وعد فيه لقاء الخَضِرِ عليهما السلام .
قال :( ع ) وكل المفسِّرين على أن الأربعين كلَّها ميعاد .
وقوله تعالى : { ثُمَّ اتخذتم العجل }[ البقرة :51 ] .
أي إلهاً ، والضمير في { بَعْدِهِ } يعود على موسى ، وقيل : على انطلاقه للتكليمِ ، إذ المواعدة تقتضيه ، وقصص هذه الآية أن موسى عليه السلام لما خرج ببني إسرائيل من مصْرَ ، قال لهم : إن اللَّه تعالى سينجِّيكم من آل فرعَوْنَ ، وينفلكم حُلِيَّهُمْ ، ويروى أن استعارتهم للحُلِيِّ كانت بغَيْرِ إذن موسى عليه السلام ، وهو الأشبه ، ويؤيِّده ما في سورة طه في قولهم لموسى : { ولكنا حُمِّلْنَا أَوْزَارًا } [ طه : 87 ] فظاهرُهُ أنهم أخبروه بما لم يتقدَّم له به شعورٌ ، ثم قال لهم موسى : إنه سينزل اللَّه عليَّ كتابًا فيه التحليلُ والتحريمُ ، والهدى لكم ، فلما جازوا البحر طلبوا موسى بما قال لهم من أمر الكتاب ، فخرج لميعاد ربه وحده ، وقد أعلمهم بالأربعين ليلةً ، فعدوا عشرين يوماً بعشرين ليلة ، وقالوا : هذه أربعون من الدهر ، وقد أَخْلَفَنَا المَوْعِدَ ، وبدا تعنُّتهم وخلافُهم ، وكان السامريُّ رجلاً من بني إسرائيل يسمى موسى بْنَ ظفر ، ويقال : إِنه ابْنُ خالِ موسى ، وقيل : لم يكن من بني إسرائيل ، بل كان غريباً فيهم ، والأول أصحُّ ، وكان قد عرف جبريلَ عليه السلام وقت عبورهم ، قالت طائفة : أنكَرَ هَيْئَتَهُ ، فعرف أنه ملَكٌ ، وقالت طائفة : كانت أم السامريِّ ولدته عام الذبْحِ ، فجعلته في غَارٍ وأطبقت عليه ، فكان جبريل عليه السلام يَغْذُوهُ بأصبع نفسه ، فيجد في أصبع لَبَناً ، وفي أصبع عَسَلاً ، وفي أصبع سَمْناً ، فلما رآه وقت جواز البحْرِ ، عرفه ، فأخذ من تحت حافرِ فرسه قبضةَ ترابٍ ، وألقى في روعِهِ أنه لن يلقيها على شيء ، ويقول له : كن كذا إلا كان ، فَلَمَّا خرج موسى لميعاده ، قال هارون لبنِي إسرائيل : إِن ذلك الحُلِيَّ والمتاعَ الذي استعرتم من القِبْط لا يحلُّ لكم ، فَجِيئوا به حتى تأكله النار التي كانت العادةُ أن تنزل على القرابين .
وقيل : بل أوقد لهم ناراً ، وأمرهم بطرح جميعِ ذلك فيها ، فجعلوا يطرحون ، وقيل : بل أمرهم أن يضعوه في حُفْرة دُون نار ، حتى يجيء موسى ، وروي وهو الأصحُّ الأكثر أنه ألقى الناسُ الحُلِيَّ في حفرة أو نحوِها ، وجاء السامريُّ فطرح القبضة ، وقال : كن عجلاً .
وقيل : إن السامريَّ كان في أصله من قوم يعبدون البقر ، وكان يعجبه ذلك .
وقيل : بل كانت بنو إسرائيل قد مرَّت مع موسى على قوم يعبدون البَقَرَ .
( ت ) والذي في القرآن { يَعْكُفُونَ على أَصْنَامٍ لَهُمْ } [ الأعراف : 138 ] قيل : كانت على صور البقر ، { َقَالُواْ يا مُوسَى اجعل لَنَا إلها كَمَا لَهُمْ ءالِهَة } [ الأعراف : 138 ] فوعاها السامريُّ ، وعلم أن من تلك الجهة يفتنون ، ففتنت بنو إسرائيل بالعجل ، وظلَّت منهم طائفةٌ يعبدونه ، فاعتزلهم هارونُ بمن تبعه ، فجاء موسى من ميعاده ، فغضب حسبما يأتي قصصه في مواضعه ، إن شاء اللَّه تعالى ، ثم أوحى اللَّه إِليه أنه لن يتوب على بني إِسرائيل حتى يقتلوا أنفسهم ، ففعلَتْ بنو إِسرائيل ذلك ، فروي أنهم لبسوا السلاح مَنْ عَبَدَ منهم ، ومن لم يَعْبُد ، وألقى اللَّه عليهم الظلام ، فقتل بعضهم بعضاً ، يقتل الأب ابنه ، والأخ أخاه ، فلما استحر فيهم القتْلُ ، وبلغ سبعين ألفاً ، عفا اللَّه عنهم ، وجعل من مات شهيداً ، وتاب على البقية ، فذلك قوله سبحانه : { ثُمَّ عَفَوْنَا عَنكُم }[ البقرة :52 ] وقال بعض المفسِّرين : وقف الذين عبدوا العجْلَ صفًّا ، ودخل الذين لم يعبدوه عليهم بالسلاح فقتلوهم ، وقالت طائفة : جلس الذين عبدوا بالأفْنِيَةِ ، وخرج يُوشَعُ بنُ نُونٍ ينادي : ملعونٌ مَن حَلَّ حُبْوَتَهُ ، وجعل الذين لم يعبدوه يقتلونهم ، وموسى صلى الله عليه وسلم في خلالِ ذلك يدعو لقومه ، ويَرْغَبُ في العفو عنهم ، وإِنما عوقب الذين لم يعبدوا بقتل أنفسهم على أحد الأقوال ، لأنهم لم يغيِّروا المُنْكَرَ ، حين عُبِدَ العِجْلُ .
{ وَأَنتُمْ ظالمون }[ البقرة :51 ] ابتداءٌ وخبرٌ في موضع الحالِ ، والعفو تغطيةُ الأثر ، وإِذهابُ الحالِ الأول ، من الذنب أو غيره .
( ت ) ومنه الحديثُ فَجَعَلَتْ أُمُّ إسْمَاعِيلَ تعفي أَثَرَهَا .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.