فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{ثُمَّ عَفَوۡنَا عَنكُم مِّنۢ بَعۡدِ ذَٰلِكَ لَعَلَّكُمۡ تَشۡكُرُونَ} (52)

{ ثم عفونا عنكم من بعد ذلك لعلكم تشكرون ، وإذ آتينا موسى الكتاب والفرقان لعلكم تهتدون ، وإذ قال موسى لقومه يا قوم إنكم ظلمتم أنفسكم باتخاذكم العجل فتوبوا إلى بارئكم فاقتلوا أنفسكم ذلكم خير لكم عند بارئكم فتاب عليكم إنه هو التواب الرحيم } .

{ ثم عفونا عنكم } أي محونا ذنوبكم وتجاوزنا عنكم ، والعفو يجوز أن يكون بعد العقوبة والغفران لا يكون معها ، وهذا هو الفرق بينهما وهو من الإضداد يقال عفت الريح الأثر أي أذهبه وعفا الشيء أي كثر ، ومنه " حتى عفوا " وقال أبو السعود العفو محو الجريمة من عفاه درسه وقد يجيء لازما قال :

عرفت المنزل الخالي عفاه بعد أحوال

عفاه كل هتان كثير الوبل هطال

{ من بعد ذلك } أي من بعد عبادتكم العجل .

{ لعلكم تشكرون } ما أنعم الله به عليكم من العفو عن ذنبكم العظيم الذي وقعتم فيه وتستمرون بعد ذلك على الطاعة ، وأصل الشكر في اللغة الظهور ، قال الجوهري الشكر الثناء على المحسن بما أولاك من المعروف ، يقال شكرته وشكرت له ، وباللام أفصح والشكران خلاف الكفران .