وقوله تعالى : { وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بني إِسْرَائِيلَ . . . } [ البقرة83 ]
أخذ اللَّه سبحانه الميثاق عليهم ، على لسان موسى عليه السلام ، وغيره من أنبيائهم ، وأخْذ الميثاق قولٌ ، فالمعنى قلنا لهم : { لاَ تَعْبُدُونَ إِلاَّ الله . . . } [ البقرة :83 ] ، قال سيبوَيْهِ : ( لا تعبدون ) متلق لقسم ، والمعنى : وإذ استحلفناهم واللَّهِ لا تعبدونَ إلاَّ اللَّه ، وفي الإحسان تدخل أنواع بِرِّ الوالدين كلُّها ، واليُتْم في بَنِي آدمَ فَقْدُ الأبِ ، وفي البهائمِ فَقْدُ الأمِّ ، وقال صلى الله عليه وسلم : ( لاَ يُتْمَ بَعْدَ بُلُوغٍ ) وَالْمِسْكِينُ الَّذِي لاَ شَيْءَ لَهُ ، وقيل : هو الذي له بُلْغَةٌ ، والآية تتضمَّن الرأفة باليتامى ، وحيطة أموالهم ، والحضّ على الصدقة ، والمواساة ، وتفقُّد المساكين .
وقوله تعالى : { وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْنًا }[ البقرة :83 ] .
أمر عطف على ما تضمَّنه { لاَ تَعْبُدُونَ إِلاَّ الله }[ البقرة :83 ] وما بعده ، وقرأ حمزة والكسَائِيُّ : ( حَسَناً ) بفتح الحاء والسين ، قال الأخفش : وهما بمعنى واحدٍ ، وقال الزجَّاج وغيره : بل المعنى في القراءة الثانية ، وقولوا قَوْلاً حَسَناً بفتح الحاء والسين ، أو قولاً ذا حُسْن بضم الحاء وسكون السين في الأولى ، قال ابن عبَّاس : معنى الكلام قولُوا للنَّاس : لا إله إلا اللَّه ، ومُرُوهم بها ، وقال ابن جُرَيْجٍ : قولوا لهم حُسْناً في الإعلام بما في كتابكم من صفة محمَّد صلى الله عليه وسلم ، وقال سفيانُ الثَّوْرِيُّ : معناه مروهم بالمَعْروف ، وانهوهم عن المُنْكَر ، وقال أبو العالية : قولوا لهم الطيبَ من القول ، وحاورُوهم بأحسن ما تُحِبُّونَ أن تحاوروا به ، وهذا حضٌّ على مكارم الأخلاق ، وزكاتُهم هي التي كانوا يَضعُونها ، وتنزل النار على ما تُقُبّلَ منها ، دون ما لم يتقبل .
وقوله تعالى : { ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ . . . } [ البقرة :83 ] .
خطابٌ لمعاصري النبيِّ صلى الله عليه وسلم ، أسند إليهم تولّي أسلافهم ، إِذ هم كلُّهم بتلك السبيل ، قال نحوه ابنُ عَبَّاس وغيره ، والمراد بالقليلِ المستثنى جميعُ مؤمنيهم قديماً من أسلافهم ، وحديثاً كابن سَلاَمٍ وغيره ، والقِلَّة على هذا هي في عدد الأشخاصِ ، ويحتمل أن تكون القِلَّة في الإِيمان والأول أقوى .
( ص ) { إِلاَّ قَلِيلاً } : منصوب على الاستثناء ، وهو الأفصح لأنه استثناءٌ من موجب ، وروي عن أبي عَمرو :{ إلاَّ قَلِيلا } بالرفع ، ووجَّهه ابن عطية على بدل ( قليل ) من ضمير : { تَوَلَّيتُمْ } على أن معنى «تَوَلَّيْتُم » النفي ، أي : لم يف بالميثاق إلا قليل ، ورد بمنع النحويِّين البدل من الموجب ، لأن البدل يحل محلَّ المبدل منه ، فلو قلْت : قام إلا زيد ، لم يجز ، لأن «إِلاَّ » لا تدخل في الموجب ، وتأويله الإِيجاب بالنفْي يلزم في كل موجب باعتبار نفي ضده أو نقيضه ، فيجوز إِذَنْ : «قَامَ القَوْمُ إلاَّ زَيْدٌ » ، على تأويل : «لَمْ يَجْلِسُوا إِلاَّ زَيْدٌ » ولم تبن العَرَب على ذلك كلامها ، وإِنما أجازوا : «قام القَوْمُ إِلاَّ زَيْدٌ » بالرفع على الصفة ، وقد عقد سيبوَيْه لذلك باباً في كتابه انتهى .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.