الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{وَلَقَدۡ مَكَّنَّـٰهُمۡ فِيمَآ إِن مَّكَّنَّـٰكُمۡ فِيهِ وَجَعَلۡنَا لَهُمۡ سَمۡعٗا وَأَبۡصَٰرٗا وَأَفۡـِٔدَةٗ فَمَآ أَغۡنَىٰ عَنۡهُمۡ سَمۡعُهُمۡ وَلَآ أَبۡصَٰرُهُمۡ وَلَآ أَفۡـِٔدَتُهُم مِّن شَيۡءٍ إِذۡ كَانُواْ يَجۡحَدُونَ بِـَٔايَٰتِ ٱللَّهِ وَحَاقَ بِهِم مَّا كَانُواْ بِهِۦ يَسۡتَهۡزِءُونَ} (26)

ثم خاطب جلَّ وعلا قريشاً على جهة الموعظة بقوله : { وَلَقَدْ مكناهم فِيمَا إِن مكناكم فِيهِ } فَ«مَا » بمعنى «الذي » ، و«إن » نافية وقعتْ مكان «مَا » لمختلف اللفظ ، ومعنى الآية : ولقد أعطيناهُمْ من القُوَّةِ والغنى والبَسْطِ في الأموال والأجسامِ ما لم نُعْطِكُمْ ، ونالهم بسَبَبِ كُفْرِهِمْ هذا العَذَابُ ؛ فأنتم أحرى بذلك ؛ إذا تماديتم في كفركم ، وقالت فرقة : «إنْ » شرطية ، والجواب محذوف ، تقديره : في الذي إنْ مَكَّنَّاكم فيه طغيتم ، وهذا تَنَطُّعٌ في التأويل ، و«ما » نافية في قوله : { فَمَا أغنى عَنْهُمْ } ؛ ويقوِّي ذلك دخولُ «مِنْ » في قوله : { مِّن شيء } ، وقالت فرقةٌ : بل هي استفهامٌ ؛ على جهة التقرير ؛ و{ مِّن شَيء } على هذا تأكيدٌ ؛ وهذا على غير مذهب سيبَوَيْهِ في دخول «مِنْ » في الجواب .