الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{مَّا ٱلۡمَسِيحُ ٱبۡنُ مَرۡيَمَ إِلَّا رَسُولٞ قَدۡ خَلَتۡ مِن قَبۡلِهِ ٱلرُّسُلُ وَأُمُّهُۥ صِدِّيقَةٞۖ كَانَا يَأۡكُلَانِ ٱلطَّعَامَۗ ٱنظُرۡ كَيۡفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ ٱلۡأٓيَٰتِ ثُمَّ ٱنظُرۡ أَنَّىٰ يُؤۡفَكُونَ} (75)

قوله تعالى : { وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ }[ المائدة :75 ] .

بناءُ مبالغةٍ مِنَ الصِّدْقِ ، ويحتملُ من التَّصْديق ، وبه سُمِّيَ أبو بكرٍ الصِّدِّيقُ ( رضي اللَّه عنه ) ، وهذه الصفةُ لمريم تدفع قولَ مَنْ قال : إنها نَبِيَّةٌ .

وقوله سبحانه : { كَانَا يَأْكُلاَنِ الطعام } تنبيهٌ على نقص البشريَّة ، وعلى حالٍ مِنَ الاحتياجِ إلى الغذاءِ تنتفِي معها الألوهيَّةُ ، و{ يُؤْفَكُونَ } معناه : يُصْرَفُونَ ، ومنه قوله عز وجل : { يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ }[ الذاريات : 9 ] ، والأرْضُ المأْفُوكَةُ الَّتِي صُرِفَتْ عن أن ينالها المَطَرُ ، والمَطَرُ في الحقيقةِ هو المَصْرُوفُ ، ولكنْ قيل : أرضٌ مأفوكةٌ ، لما كانَتْ مأفوكاً عنها .