الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{وَحَسِبُوٓاْ أَلَّا تَكُونَ فِتۡنَةٞ فَعَمُواْ وَصَمُّواْ ثُمَّ تَابَ ٱللَّهُ عَلَيۡهِمۡ ثُمَّ عَمُواْ وَصَمُّواْ كَثِيرٞ مِّنۡهُمۡۚ وَٱللَّهُ بَصِيرُۢ بِمَا يَعۡمَلُونَ} (71)

قوله سبحانه : { وَحَسِبُواْ أَلاَّ تَكُونَ فِتْنَةٌ }[ المائدة :71 ] .

المعنى في هذه الآيةِ ، وظَنَّ هؤلاءِ الكفرةُ باللَّه ، والعصاةُ مِنْ بني إسرائيل أن لاَّ يكونَ مِنَ اللَّه ابتلاءٌ لهُمْ ، وأخذ في الدنيا ، فلَجُّوا في شهواتهم ، وعَمُوا فيها ، إذْ لم يُبْصِرُوا الحقَّ ، وهذا كقوله صلى الله عليه وسلم : ( حُبُّكَ الشَّيْءَ يُعْمِي وَيُصِمُّ ) .

وقوله سبحانه : { ثُمَّ تَابَ الله عَلَيْهِمْ } ، قالتْ جماعة من المفسِّرين : هذه التوبةُ هِيَ رَدُّهم إلى بَيْتِ المَقْدِس بعد الإخراج الأول ، ورَدُّ مُلْكِهِمْ وحَالِهِم ، ثم عَمُوا وصَمُّوا بعد ذلك ، حتى أُخْرِجُوا الخرجةَ الثانيةَ ، ولم ينجبرُوا أبداً ، ومعنى : { تَابَ الله عَلَيْهِمْ } ، أي : رجَعَ بهم إلى الطاعةِ ، والحقِّ ، ومِنْ فصاحة القُرآن : استناد هذا الفعْلِ الشريفِ إلى اللَّه تعالى ، واستناد العمى وَالصَّمَمَ اللَّذَيْن هما عبارةٌ عن الضَّلال إليهم .