الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{مَّا ٱلۡمَسِيحُ ٱبۡنُ مَرۡيَمَ إِلَّا رَسُولٞ قَدۡ خَلَتۡ مِن قَبۡلِهِ ٱلرُّسُلُ وَأُمُّهُۥ صِدِّيقَةٞۖ كَانَا يَأۡكُلَانِ ٱلطَّعَامَۗ ٱنظُرۡ كَيۡفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ ٱلۡأٓيَٰتِ ثُمَّ ٱنظُرۡ أَنَّىٰ يُؤۡفَكُونَ} (75)

قوله : ( مَّا المَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ ) الآية [ 77 ] .

هذا احتجاج على فرق النصارى في قولهم في عيسى( {[17276]} ) . فالمعنى( {[17277]} ) : ليس عيسى أول رسول مبعوث إلى الناس فيعجبوا( {[17278]} ) من ذلك ، بل قد خلت من قبله الرسل إلى الخلق ، فهو واحد منهم( {[17279]} ) ، ( فهو ) مثل قوله في محمد ( قُلْ مَا كُنتُ بِدْعاً مِّنَ الرُّسُلِ )( {[17280]} ) ، و( مثل )( {[17281]} ) قوله : ( وَمَا مُحَمَّدٌ اِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ )( {[17282]} ) .

( والصدّيقة : الفعلية من الصدقِ )( {[17283]} ) .

ومعنى الآية : ما المسيح في إنبائه( {[17284]} ) بالمعجزات( {[17285]} ) –من إبراء الأكمه وإحياء الموتى- ( إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ ) أي : مثل الرسل التي قد خلت من قبله ، أتى بالمعجزات كما أتى موسى وإبراهيم ، فهو أظهر( {[17286]} ) الآيات ، ( فهو )( {[17287]} ) كغيره ممن تقدم( {[17288]} ) من الرسل الذين أظهروا الآيات( {[17289]} ) .

ومعنى ( خَلَتْ ) : تقدمت-( {[17290]} ) ، فليس هو بأول رسول فيعجب منه( {[17291]} ) .

قوله ( كَانَا يَاكُلاَنِ الطَّعَامَ ) كناية عن إتيان الحاجة ، فنبه بأكل( {[17292]} ) الطعام على عاقبته( {[17293]} ) ، وغلَّبَ المذكر على المؤنث . وقيل : المعنى : كانا يتغديان( {[17294]} ) كما يتغدَّى( {[17295]} ) البشر ، ومن كان هكذا فليس بإله ، لأن الإله( {[17296]} ) لا يحتاج إلى شيء( {[17297]} ) .

قوله : ( انْظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الآيَاتِ )( {[17298]} ) أي : انظر : يا محمد كيف نبين لهؤلاء الكفرة من اليهود والنصارى ( الآيَاتِ ) ، وهي العلامات على بطلان ما يقولون في أنبياء الله ، ثم انظر : يا محمد –مع تنبيهنا إياهم على ذلك- كيف يؤفكون ، أي : من أين يصرفون عن الحق( {[17299]} ) . يقال لكل( {[17300]} ) مصروف عن شيء : ( هو مأفوك عنه ) ، و( قد أفكت( {[17301]} ) فلاناً عن كذا ) أي : صرفته عنه ، آفِكُه أَفْكاً( {[17302]} ) ، و( قد أُفِكَتِ الأَرْضُ ) : إذا صرف عنها المطر( {[17303]} ) .


[17276]:- انظر: تفسير الطبري 10/484.
[17277]:- ب ج د: والمعنى.
[17278]:- ب ج د: فيعجبون.
[17279]:- انظر: تفسير الطبري 10/484، ومعاني الزجاج 2/196، وإعراب النحاس 1/512.
[17280]:- الأحقاف: 8.
[17281]:- ساقطة من ج.
[17282]:- آل عمران: 144.
[17283]:- انظر: تفسير الطبري 10/485، ومعاني الزجاج 2/196.
[17284]:- ب: إثباته. ج د: اتيانه.
[17285]:- ب: بمعجزات.
[17286]:- ب ج د: وإن أظهر.
[17287]:- ساقطة من ب ج د.
[17288]:- ب ج د: تقدمه.
[17289]:- انظر: تفسير الطبري 10/484، ومعاني الزجاج 2/196، وإعراب النحاس 1/512.
[17290]:- انظر: المحرر 5/162.
[17291]:- انظر: غريب ابن قتيبة 145.
[17292]:- ب: ياكل.
[17293]:- انظر: غريب ابن قتيبة 145، وإعراب النحاس 1/512.
[17294]:- د: يتعديان.
[17295]:- ب ج: يتغدا. د: يتعد.
[17296]:- ب: الا الله.
[17297]:- هو قول الطبري في تفسيره 10/485، وانظر: معاني الزجاج 2/197، وإعراب النحاس 1/512.
[17298]:- هذه الآية وتفسيرها –الآتي بعدها- مستدركة في هامش أ، لكن جلها مخروم.
[17299]:- انظر: تفسير الطبري 10/485 و486، وانظر: معاني الزجاج 2/197.
[17300]:- أ ج د: لكل شيء.
[17301]:- ب: أبكت.
[17302]:- انظر: معاني الزجاج 2/197.
[17303]:- انظر: تفسير الطبري 10/486، وانظر: مجاز أبي عبيدة 1/175، وغريب ابن قتيبة 145.