فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{۞مَا نَنسَخۡ مِنۡ ءَايَةٍ أَوۡ نُنسِهَا نَأۡتِ بِخَيۡرٖ مِّنۡهَآ أَوۡ مِثۡلِهَآۗ أَلَمۡ تَعۡلَمۡ أَنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ قَدِيرٌ} (106)

{ ننسخ } نمحو ونبدل وننقل من حكم إلى غيره { ننسها } نؤخرها .

ربنا المعبود ولي التقدير خبير وبصير يشرع لعباده ما فيه خيرهم وقد ينقله سبحانه من حكم إلى حكم يعلم جل وعلا أن هذا التحول مما يصلح به أمرهم .

والنسخ لغة الإزالة ومنه نسخت الشمس الظل أي أزالته وقد يراد به النقل ومنه نسخت الكتاب وفي الاصطلاح رفع الحكم الشرعي بدليل شرعي متأخر [ ونسخ الآية -على ما ارتضاه بعض الأصوليون- بيان انتهاء التعبد بقراءتها كآية الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما نكالا من الله والله العزيز الحكيم أو الحكم المستفاد منها كآية { والذين يتفون منكم ويذرون أزواجا وصية لأزواجهم متاعا إلى الحول غير إخراج }{[384]} أو بهما كآية عشر رضعات معلومات يحرمن وفيه التأبيد المستفاد من إطلاقها . . فهو بيان بالنسبة إلى الشوارع ورفع بالنسبة إلينا

{[385]} { أو ننسها } أو نرجئها أو نتركها من النسيان الذي بمعنى الترك أي نتركها فلا نبدلها ولا ننسخها قاله ابن عباس والسدي ومنه قوله تعالى { . . ونسوا الله فنسيهم . . }{[386]} أي تركوا عبادته فتركهم في العذاب . . . وحكى الأزهري { ننساها } نأمر بتركها يقال أنسيته الشيء أي أمرت بتركه . . ؛ { نأت بخير منها } لفظة { بخير } هنا صفة تفضيل والمعنى بأنفع لكم أيها الناس في عاجل إن كانت الناسخة أخف وفي آجل إن كانت أثقل وب { مثلها } إن كانت مستوية وقيل ليست بأخير التفضيل لأن كلام الله لا يتفاضل وإنما هو مثل قوله { من جاء بالحسنة فله خير منها . . }{[387]} أي فله منها خير أي نفع وأجر لا الخير الذي بمعنى الأفضل-{[388]} .


[384]:سورة البقرة من الآية 240.
[385]:ما بين العلامتين [] من روح المعاني
[386]:سورة التوبة من الآية 27.
[387]:سورة القصص من الآية 24.
[388]:ما بين العارضتين من الجامع لأحكام القرآن.