فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{بَلَىٰۚ مَن كَسَبَ سَيِّئَةٗ وَأَحَٰطَتۡ بِهِۦ خَطِيٓـَٔتُهُۥ فَأُوْلَـٰٓئِكَ أَصۡحَٰبُ ٱلنَّارِۖ هُمۡ فِيهَا خَٰلِدُونَ} (81)

{ كسب } عمل .

{ أحاطت به خطيئته } جميع أعماله سيئات .

{ بلى من كسب سيئة وأحاط به خطيئته فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون } : { بلى } إثبات لما حرف النفي وهو قوله { لن تمسنا } النار أي بلى تمسكم أبدا بدليل قوله تعالى : { هم فيها خالدون } أي ماكثون أبدا ( ولفظ الإحاطة حقيقة في المجسمات إحاطة السور بالبلد . . . . فنقل إلى الخطيئة وهي عرض لمعنيين من جهة أن المحيط يستر المحاط به والكبيرة تستر الطاعات ومن جهة أن الكبيرة تحيط الطاعات وتستولي عليها إحاطة العدو بالإنسان بحيث لا يتمكن الإنسان من الخلاص عنهم والآية إن وردت في اليهود فالعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب ){[325]} .


[325]:ما بين العلامتين ( ) مما جاء به في تفسير غرائب القرآن ... وقد تابع فأورد بحثا في مرتكب الكبيرة وهل يخلد في النار أم لا ومما أورد والذي عليه أكثر الصحابة والتابعين وأهل السنة .. القطع بأنه سبحانه يعفو عن بعض العصاة وأنه إذا عذب أحدهم فلا يعذبه أبدا – أي على جهة التأبيد- .... القاطعون بنفي العقاب عن أهل الكبائر احتجوا بنحو قوله تعالى ( .. إن الخزي اليوم والسوء على الكافرين) (..يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا..) (.. وإن ربك لذو مغفرة للناس على ظلمهم...) (لا يصلاها إلا الأشقى الذي كذب وتولى)،.. الذين قطعوا بالعفو في حق البعض والتوقف في البعض فقد تمسكوا بنحو قوله عز من قائل: (إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء...) ...وأيضا أن صاحب الكبيرة أتى بما هو أفضل الخيرات وهو الإيمان، ولم يأت بما هو أقبح القبائح وهو الكفر، ولا يهدمه سوى الكفر من المعاصي، ولهذا قال يحيى بن معاذ الرازي: إلهي إذا كان توحيد ساعة يهدم كفر خمسين سنة، فتوحيد خمسين سنة كيف لا يهدم معصية ساعة؛ واعلم أن مذهب الأصحاب إلى الأدب أقرب من حيث إنهم يصفونه بصفات الجمال كالعفو والمغفرة، وبصفات الجلال كالقهر والانتقام، ولكن لا يوجبون عليه ثوابا ولا عقابا، لأنه يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد ومن حيث إنهم لا يعينون البعض المستحق للثواب ولا البعض المستحق للعقاب من المسلمين..