فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{۞ذَٰلِكَۖ وَمَنۡ عَاقَبَ بِمِثۡلِ مَا عُوقِبَ بِهِۦ ثُمَّ بُغِيَ عَلَيۡهِ لَيَنصُرَنَّهُ ٱللَّهُۚ إِنَّ ٱللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٞ} (60)

{ ذلك ومن عاقب بمثل ما عوقب به ثم بغي عليه لينصرنه الله }

بين أنه مع إكرامه لهم في الآخرة لا يدع نصرهم في الدنيا . . فقال : { ذلك } قال الزجاج : أي الأمر ما قصصنا عليكم من إنجاز الوعد . . {[2272]} ؛ { ومن عاقب بمثل ما عوقب به ثم بغي عليه لينصرنه الله } والذي يدفع عن نفسه وعمن وعما شرع له أن يدفع عنه ، ويجازي الجاني بمثل ما جنى به عليه ، أذن له من الله تعالى أن يدافع فلولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض ، سمى الابتداء باسم الجزاء للطباق والملابسة من حيث إن ذلك سبب وهذا مسبب عنه ؛ { ثم بغي عليه } أي ثم كان المجازي مبغيا عليه ، أي مظلوما ، ومعنى { ثم } تفاوت الرتبة ، لأن كونه مبدوءا بالقتال معه نوع ظلم ، كما قيل : البادئ أظلم ، وهو موجب لنصرته ظاهرا ، إلا أن كونه في نفس الأمر مظلوما هو السبب الأصلي في النصرة {[2273]} [ يقول تعالى ذكره : إن الله لذو عفو وصفح لمن انتصر ممن ظلمه من بعد ما ظلمه الظالم بحق ، غفور لما فعل ببادئه بالظلم مثل الذي فعل به ، غير معاقبه عليه ]{[2274]} .

/خ60


[2272]:ما بين العارضتين من تفسير غرائب القرآن.
[2273]:ما بين العارضتين من تفسير القرآن العظيم.
[2274]:ما بين العلامتين [ ] من جامع البيان.