بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{۞ذَٰلِكَۖ وَمَنۡ عَاقَبَ بِمِثۡلِ مَا عُوقِبَ بِهِۦ ثُمَّ بُغِيَ عَلَيۡهِ لَيَنصُرَنَّهُ ٱللَّهُۚ إِنَّ ٱللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٞ} (60)

قوله عز وجل : { ذلك وَمَنْ عَاقَبَ } ؛ قال مقاتل : وذلك أن مشركي العرب لقوا المسلمين في الشهر الحرام ، فكره المسلمون القتال ، فقاتلهم المشركون فبغوا عليهم ، فنصر الله المسلمين عليهم . فوقع في أنفس المؤمنين من القتال في الشهر الحرام ، فنزل : { ذلك وَمَنْ عَاقَبَ } ؛ يقول : هذا جزاء من عاقب { بِمِثْلِ مَا عُوقِبَ بِهِ } ؛ وقال بعضهم : { ذلك } يعني : ما وصفنا من صفة أهل الجنة وأهل النار ، فهو كذلك . فقد تم الكلام { وَمَنْ عَاقَبَ } ابتداء الكلام { بمثل ما عوقب به } في الدنيا ؛ وقال الكلبي : الرجل يقتل وله الحميم ، فله أن يقتل به قاتله .

{ ثُمَّ بُغِىَ عَلَيْهِ لَيَنصُرَنَّهُ الله } على من بغى عليه ؛ ويقال : إذا زاد على القتل لينصرنه الله ؛ ويقال : إن الرجل إذا وجب له القصاص ، فله أن يقتل أو يأخذ الدية . فإن أخذ أكثر من حقه بالقتل وأخذ الدية { ثُمَّ بُغِىَ عَلَيْهِ } ، أي ظلم عليه ، يعني : غضب عليه أولياء المقتول باستيفاء حقه ، فجنوا عليه ؛ لينصرنه الله ، أي له أن يطلب بجنايته ؛ ويقال له : إذا ظلم على ولي المقتول بالاستطالة بالقتل ، أو بأخذ الدية لينصرنه الله بأخذ حقه . { إِنَّ الله لَعَفُوٌّ غَفُورٌ } بقتالهم .