فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{لَا تَحۡسَبَنَّ ٱلَّذِينَ يَفۡرَحُونَ بِمَآ أَتَواْ وَّيُحِبُّونَ أَن يُحۡمَدُواْ بِمَا لَمۡ يَفۡعَلُواْ فَلَا تَحۡسَبَنَّهُم بِمَفَازَةٖ مِّنَ ٱلۡعَذَابِۖ وَلَهُمۡ عَذَابٌ أَلِيمٞ} (188)

{ لا تحسبن الذين يفرحون بما أتوا ويحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا فلا تحسبنهم بمفازة من العذاب ولهم عذاب أليم } الخطاب لكل ما يصلح له ؛ ومعناه : لا تظن و{ أتوا }يعني فعلوا ويتمنون أن يحمدهم الناس أو المسلمون بأمر لم يفعلوه ، فلا تظنهم أنهم بمنجاة من عذاب النار ، بل لهم العذاب الموجع . روى البخاري وغيره عن ابن عباس أن الرسول صلى الله عليه وسلم سألهم -أهل الكتاب- عن شيء فكتموه إياه وأخبروه بغيره فخرجوا وقد أروه أن قد أخبروه بما سألهم عنه واستحمدوا بذلك إليه وفرحوا بما أتوا من كتمان ما سألهم عنه ؛ – من هنا يعلم بعد القول بأن الأولى إجراء الموصول على عمومه شاملا لكل من يأتي من الحسنات فيفرح به فرح إعجاب ويود أن يحمده الناس بما هو عار منه من الفضائل . . نعم يزيده بعدا ما أخرجه الإمام أحمد والبخاري ومسلم . . أن مروان قال لبوابه : اذهب يا رافع إلى ابن عباس فقل : لئن كان كل امرئ منا فرحا بما أوتي وأحب أن يحمد بما لم يفعل معذبا لنعذبن أجمعون ، فقال ابن عباس : ما لكم ولهذه الآية إنما أنزلت هذه الآية في أهل الكتاب {[1259]} ثم تلا { وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب . . } إلى آخر الآيتين . . - {[1260]} .


[1259]:وفي رواية عن أبي سعيد الخدري أن رجالا من المنافقين في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا إذا خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الغزو وتخلفوا عنه وفرحوا بمقعدهم خلاف رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم من الغزو واعتذروا إليه وحلفوا وأحبوا أن يحمدوا بما لم يفعلوا فنزلت {لا تحسبن الذي يفرحون بما أتوا ويحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا} الآية.
[1260]:من روح المعاني.