فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{وَسۡـَٔلۡهُمۡ عَنِ ٱلۡقَرۡيَةِ ٱلَّتِي كَانَتۡ حَاضِرَةَ ٱلۡبَحۡرِ إِذۡ يَعۡدُونَ فِي ٱلسَّبۡتِ إِذۡ تَأۡتِيهِمۡ حِيتَانُهُمۡ يَوۡمَ سَبۡتِهِمۡ شُرَّعٗا وَيَوۡمَ لَا يَسۡبِتُونَ لَا تَأۡتِيهِمۡۚ كَذَٰلِكَ نَبۡلُوهُم بِمَا كَانُواْ يَفۡسُقُونَ} (163)

{ وسلهم } وسل اليهود . وقرئ : «واسألهم » . وهذا السؤال معناه التقرير والتقريع بقديم كفرهم وتجاوزهم حدود الله والإعلام بأنّ هذا من علومهم التي لا تعلم إلاّ بكتاب أو وحي ، فإذا أعلمهم به من لم يقرأ كتابهم ، علم أنه من جهة الوحي . ونظيره همزة الاستفهام التي يراد بها التقرير في قولك : أعدوتم في السبت ؟ والقرية أيلة . وقيل : مدين . وقيل : طبرية . والعرب تسمي المدينة قرية . وعن أبي عمرو بن العلاء . ما رأيت قرويين أفصح من الحسن والحجاج ، يعني رجلين من أهل المدن { كَانَتْ حَاضِرَةَ البحر } قريبة منه راكبة لشاطئه { إِذْ يَعْدُونَ فِى السبت } إذ يتجاوزون حدّ الله فيه ، وهو اصطيادهم في يوم السبت ، وقد نهوا عنه . وقرئ : «يعدّون » بمعنى يعتدون ، أدغمت التاء في الدال ونقلت حركتها إلى العين ، ويُعدّون من الإعداد ، وكانوا يعدّون آلات الصيد يوم السبت ، وهم مأمورون بأن لا يشتغلوا فيه بغير العبادة . والسبت : مصدر سبتت اليهود ، إذا عظمت سبتها بترك الصيد والاشتغال بالتعبد ، فمعناه : يعدّون في تعظيم هذا اليوم ، كذلك قوله : { يَوْمَ سَبْتِهِمْ } معناه يوم تعظيمهم أمر السبت . ويدل عليه قوله : { وَيَوْمَ لاَ يَسْبِتُونَ } [ و ] قراءة عمر بن عبد العزيز : «يوم إسباتهم » ، وقرئ : «لا يسبتون » ، بضم الباء . وقرأ علي : «لا يسبتون » بضم الياء ، من أسبتوا . وعن الحسن : «لا يسبتون » على البناء للمفعول ، أي لا يدار عليهم السبت ، ولا يؤمرون بأن يسبتوا ، فإن قلت : إذ يعدون ، وإذ تأتيهم ، ما محلهما من الإعراب ؟ قلت : أمّا الأوّل فمجرور بدل من القرية ، والمراد بالقرية أهلها ، كأنه قيل : واسألهم عن أهل القرية وقت عدوانهم في السبت ، وهو من بدل الاشتمال . ويجوز أن يكون منصوباً بكانت ، أو بحاضرة . وأمّا الثاني فمنصوب بيعدون . ويجوز أن يكون بدلاً بعد بدل . والحيتان السمك ، وأكثر ما تستعمل العرب الحوت في معنى السمكة { شُرَّعًا } ظاهرة على وجه الماء . وعن الحسن : تشرع على أبوابهم كأنها الكباش البيض . يقال شرع علينا فلان إذا دنا منا وأشرف علينا . وشرعت على فلان في بيته فرأيته يفعل كذا { كذلك نَبْلُوهُم } أي مثل ذلك البلاء الشديد نبلوهم بسبب فسقهم .