الآية 163 وقوله تعالى : { واسألهم عن القرية التي كانت حاضرة البحر } قال بعض أهل التأويل : القرية { التي كانت حاضرة البحر } هي أيلة ، وقال آخرون : أريحا . ولسنا ندري ما تلك القرية ؟ وليس لنا إلى معرفة تلك القرية حاجة ؛ إذ لا منفعة لنا في معرفتها ، ولو كانت لنا حاجة إليها لبيّن لنا عز وجل .
وقوله تعالى : { واسألهم عن القرية التي كانت } كذا أمر بالسؤال عنها . ثم كان هو المبيّن لهم بقوله تعالى : { إذ يعدون في السبت } والسؤال هو الاستخبار ، والإخبار إنما يلزم المسؤول دون المستخبر . لكن الاستخبار يكون من وجهين :
فههنا لم يحتمل ابتداء الخبر ، وهو على ما طلب التصديق ، كأنه قال : ألم يكن كذا ؟ فيقولون : بلى{[9046]} ؛ يصدّقونه بما يقول لهم .
وقال قائلون : لم يأمره بالسؤال حقيقة ، ولكنه على التمثيل ؛ كأنه قال : لو سألتهم يقولون لك كذا ، كقوله : { سل بني إسرائيل كم آتيناهم من آية بيّنة } [ البقرة : 211 ] ليس على الأمر أن اسألهم ، ولكن لو سألتهم [ عن وكيف ]{[9047]} كان كذا لأجابوك{[9048]} بكذا . فعلى ذلك هذا .
وقوله تعالى : { إذ يعدون في السبت إذ تأتيهم /188-ب/ حيتانهم } عن ابن عباس رضي الله عنه [ أنه ]{[9049]} قال : ابتدعوا السبت ، فعظّموه ، فابتلوا فيه ، فحرّمت عليهم فيه الحيتان يوم السبت ، فكانت تأتيهم يوم السبت { شرعا } بلا مؤنة وتكلّف . ابتلوا به ، ولا تأتيهم في غيره مثله .
وقال أبو عوسجة : قوله تعالى : { شرّعا } التي قد دنت من الشّطّ ، والواحد شارع ، وقوله تعالى : { لا يسبتون } أي لا يدخلون في السبت كما يقال : لا يربعون ، ولا يخمسون ؛ أي لا يدخلون فيه . ويسبتون أي يدخلون فيه ، وكذلك يربعون ، ويخمسون .
وقال القتبيّ : { شرّعا } أي شوارع { إذ يعدون } أي يتعدّون الحق . ويقال : عدوت على فلان إذا ظلمته .
وقال الكسائيّ : يقرأ يسبتون بالرفع ، ويقرأ بالفتح . فمن قرأها [ يسبتون من أسبت القوم يسبتون ]{[9050]} دخلوا في السبت .
وقال قائلون : قوله تعالى : { شرّعا } أي كثيرة أي تكثر لهم الحيتان ، وتقل في غير ذلك ، وقال بعضهم : ابتلاهم الله بتحريم السمك في السبت ليرى الخلق المطيع منهم من العاصي . وقال قائلون : ابتلاهم بذلك لما كانوا يفسقون في السر ليكون فسقهم وتعدّيهم ظاهرا عند الخلق كما كان عند الله لئلا يقولوا عند التعذيب : إنهم عذّبوا بلا ظلم وتعدّ ، والله أعلم .
وذلك قوله تعالى : { كذلك نبلوهم بما كانوا يفسقون } .
وقال قائلون في قوله تعالى : { واسألهم عن القرية التي كانت حاضرة البحر } إنما أمره أن يسألهم : أما عذّبهم الله بذنوبهم ؟ ثم أخبر عن ذنوبهم ، فقال : { إذ يعدون في السبت } يتعدّون في السبت ، وفي قوله تعالى : { شرّعا } أي مشارعات من غمرة الماء أي خارجات .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.