الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{وَسۡـَٔلۡهُمۡ عَنِ ٱلۡقَرۡيَةِ ٱلَّتِي كَانَتۡ حَاضِرَةَ ٱلۡبَحۡرِ إِذۡ يَعۡدُونَ فِي ٱلسَّبۡتِ إِذۡ تَأۡتِيهِمۡ حِيتَانُهُمۡ يَوۡمَ سَبۡتِهِمۡ شُرَّعٗا وَيَوۡمَ لَا يَسۡبِتُونَ لَا تَأۡتِيهِمۡۚ كَذَٰلِكَ نَبۡلُوهُم بِمَا كَانُواْ يَفۡسُقُونَ} (163)

قوله سبحانه : { وَسْئَلْهُمْ عَنِ القرية التي كَانَتْ حَاضِرَةَ البحر . . . } [ الأعراف :163 ] .

قال بعضُ المتأوِّلين : إِن اليهودَ المعاصرينَ للنبيِّ صلى الله عليه وسلم قَالُوا : إِنَّ بني إِسرائيل لم يَكُنْ فيهم عصْيانٌ ، ولا معاندةٌ لمَا أُمرُوا به ، فنزلَتْ هذه الآيةُ موبِّخة لهم ، فسؤالهم إِنَّما هو على جهة التوبيخِ ، والقريةُ هنا : أَيْلَةُ ، قاله ابن عباس وغيره ، وقيل : مَدْيَن ، و( حاضِرة البَحْر ) ، أي : البحر فيها حاضرٌ ، ويحتملُ أنْ يريد معنى «الحاضرة » ، على جهة التعظيم لها ، أي : هي الحاضرةُ في مُدُن البَحْر ، و{ يَعْدُونَ } معناه : يخالفون الشرْعَ ، مِنْ عَدَا يَعْدُو ، و{ شُرَّعاً } ، أي : مقبلة إِليهم مُصْطَفَّة ، كما تقولُ : شُرِعَتِ الرماحُ إِذا مُدَّتْ مصطَفَّة ، وعبارةُ البخاري { شُرَّعاً } أيْ : شوارِعَ ، انتهى .

والعامل في قوله : { وَيَوْمَ لاَ يَسْبِتُونَ } قولُهُ : { لاَ تَأْتِيهِمْ } ، وهو ظرفٌ مقدَّم ، ومعنى قوله { كذلك } الإشارةُ إلى أمر الحُوت ، وفِتنَتِهِمْ به ، هذا على من وَقَفَ على { تَأْتِيهِمْ } ، ومن وقف على { كذلك } ، فالإشارة إِلى كثرة الحيتانِ { شُرَّعاً } ، أي : فما أتى منها يَوْمَ لا يسبتُونَ ، فهو قليلٌ ، و{ نَبْلُوهُم } ، أي : نمتحنهم بِفِسْقهم وعِصْيانهم ، وقد تقدَّم في «البقرة » قصصهم .