غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{وَسۡـَٔلۡهُمۡ عَنِ ٱلۡقَرۡيَةِ ٱلَّتِي كَانَتۡ حَاضِرَةَ ٱلۡبَحۡرِ إِذۡ يَعۡدُونَ فِي ٱلسَّبۡتِ إِذۡ تَأۡتِيهِمۡ حِيتَانُهُمۡ يَوۡمَ سَبۡتِهِمۡ شُرَّعٗا وَيَوۡمَ لَا يَسۡبِتُونَ لَا تَأۡتِيهِمۡۚ كَذَٰلِكَ نَبۡلُوهُم بِمَا كَانُواْ يَفۡسُقُونَ} (163)

160

قوله تعالى { واسئلهم عن القرية } أي عن أهلها وليس المقصود تعرف هذه القصة من قبل اليهود لأنها معلومة للرسول صلى الله عليه وسلم من قبل الله تعالى ، ولكن المراد تقرير ما كانوا قد أقدموا عليه من الاعتداء والفسق ليعلم أن هلم سابقة في ذلك ، وليس كفرهم بمحمد صلى الله عليه وسلم أول مناكيرهم . وقد يقول الإنسان لغيره : هل كان هذا الأمر كذا وكذا ليعرف ذلك الغير أنه محيط بتلك القصة ؟ وفيه أنه إذا أعلمهم به من لم يقرأ كتاباً ولم يتعلم علماً كان ذلك مستفاداً من الوحي فيكون معجزاً . والأكثرون على أن تلك القرية أيلة ، وقيل مدين ، وقيل طبرية ، والعرب تسمي المدينة قرية . ومعنى { حاضرة البحر } قريبة من البحر وعلى شاطئه { إذ يعدون في السبت } يتجاوزون حد الله فيه وهو اصطيادهم في يوم السبت . ومحل { إذ يعدون } مجرور بدلاً عن القرية بدل الاشتمال أي واسألهم عن وقت عدوانهم . قال في الكشاف : يجوز أن يكون منصوباً بحاضرة أو بكانت بناء على أن كان الناقصة تعمل في غير الاسم والخبر وفيه نظر إذ لا معنى لكون القرية حاضرة البحر في قوت العدوان لأنها حاضرته في جميع الأحيان وقوله { إذ تأتيهم } منصوب ب { يعدون } أو مجرور بدلاً بعد بدل . والحيتان جمع الحوت وهو السمكة { شرعاً } ظاهرة على وجه الماء جمع شارع كركع وراكع وكل شيء دان من شيء فهو شارع ، ودار شارعة إذا دنت من الطريق ، ونجوم شوارع إذا دنت من المغيب ، فالحيتان كانت تدنو من القرية بحيث يمكنهم صيدها ، وعن الحسن تشرع على أبوابهم كأنها الكباش البيض . وقال ابن عباس ومجاهد : إن اليهود أمروا باليوم الذي أمرتم به وهو يوم الجمعة فتركوه واختاروا السبت فابتلاهم الله تعالى به وحرم عليهم الصيد فيه ، وباقي القصة مذكور في البقرة ، وفيها دلالة على أن من أطاع الله تعالى خفف عليه أهوال الدنيا والآخرة ، ومن عصاه ابتلاه بأنواع البلايا والمحن . قالت الأشاعرة : لو وجب رعاية الأصلح على الله تعالى لوجب أن لا يكثر الحيتان في ذلك اليوم صوناً لهم عن الكفر والمعصية وهذا الاعتراض وارد على خلق إبليس وسائر أسباب الشرور .

/خ171