الخطاب لرسول الله صلى الله عليه وسلم ولمن معه . ومنكم : للبيان ، كالتي في آخر سورة الفتح : وعدهم الله أن ينصر الإسلام على الكفر ، ويورّثهم الأرض ، ويجعلهم فيها خلفاء ، كما فعل ببني إسرائيل ، حين أورثهم مصر والشام بعد إهلاك الجبابرة ، وأن يمكن الدين المرتضى وهو دين الإسلام . وتمكينه : تثبيته وتوطيده ، وأن يؤمن سربهم ويزيل عنهم الخوف الذي كانوا عليه ، وذلك : أنّ النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه مكثوا بمكة عشر سنين خائفين ، ولما هاجروا كانوا بالمدينة يصبحون في السلاح ويمسون فيه ، حتى قال رجل : ما يأتي علينا يوم نأمن فيه ونضع السلاح ؟ فقال صلى الله عليه وسلم : " لا تغبرون إلاّ يسيراً حتى يجلس الرجل منكم في الملأ العظيم محتبياً ليس معه حديدة " ، فأنجز الله وعده وأظهرهم على جزيرة العرب ، وافتتحوا بعد بلاد المشرق والمغرب ، ومزقوا ملك الأكاسرة وملكوا خزائنهم ، واستولوا على الدنيا ، ثم خرج الذين على خلاف سيرتهم فكفروا بتلك الأنعم وفسقوا ، وذلك قوله صلى الله عليه وسلم : " الخلافة بعدي ثلاثون سنة ، ثم يملك الله من يشاء فتصير ملكاً ، ثم تصير بزيزي قطع سبيل ، وسفك دماء ، وأخذ أموال بغير حقها " وقرىء : «كما استخلف » على البناء للمفعول «وليبدلنهم » بالتشديد .
فإن قلت : أين القسم الملتقى باللام والنون في { لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ } ؟ قلت : هو محذوف تقديره : وعدهم الله ، وأقسم ليستخلفنهم ، أو نزّل وعد الله في تحققه منزلة القسم ، فتلقى بما يتلقى به القسم ، كأنه قيل : أقسم الله ليستخلفنهم .
فإن قلت : ما محل { يَعْبُدُونَنِى } ؟ قلت : إن جعلته استئنافاً لم يكن له محل ، كأن قائلاً قال : ما لهم يستخلفون ويؤمنون ؟ فقال : يعبدونني . وإن جعلته حالاً عن وعدهم ، أي وعدهم الله ذلك في حال عبادتهم وإخلاصهم ، فمحله النصب { وَمَن كَفَرَ } يريد كفران النعمة ؛ كقوله : { فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ الله } [ النحل : 112 ] . { فَأُوْلَئِكَ هُمُ الفاسقون } أي : هم الكاملون في فسقهم ، حيث كفروا تلك النعمة العظيمة وجسروا على غمطها .
فإن قلت : هل في هذه الآية دليل على أمر الخلفاء الراشدين ؟ قلت : أوضح دليل وأبينه ؛ لأن المستخلفين الذين آمنوا وعملوا الصالحات هم هم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.