غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{وَعَدَ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ مِنكُمۡ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ لَيَسۡتَخۡلِفَنَّهُمۡ فِي ٱلۡأَرۡضِ كَمَا ٱسۡتَخۡلَفَ ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِهِمۡ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمۡ دِينَهُمُ ٱلَّذِي ٱرۡتَضَىٰ لَهُمۡ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّنۢ بَعۡدِ خَوۡفِهِمۡ أَمۡنٗاۚ يَعۡبُدُونَنِي لَا يُشۡرِكُونَ بِي شَيۡـٔٗاۚ وَمَن كَفَرَ بَعۡدَ ذَٰلِكَ فَأُوْلَـٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡفَٰسِقُونَ} (55)

51

وفي الوعد معنى القسم لأن وعد الله محقق الوقوع ولذلك قال في جوابه { ليستخلفنهم } أو القسم محذوف أي أقسم ليجعلنكم خلفاء في الأرض كما فعل ببني إسرائيل حين أورثهم مصر والشأم بعد إهلاك الجبابرة . { وليمكنن } لأجلهم الدين المرتضى وهو دين الإسلام . وتمكين الدين تثبيته وإشادة قواعده ، كانوا بالمدينة يصبحون في السلاح ويمسون فيه فسئموا وشكوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : لا تغبرون إلا يسيراً حتى يجلس الرجل في الملأ العظيم محتبياً ليس معه حديدة ، فأنجز الله وعده وأظهرهم على جزيرة العرب وورثوا ملك الأكاسرة خزائنهم ، وهذا إخبار بالغيب فيكون معجزاً . ومحل { يعبدونني } نصب على الحال أي وعدهم ذلك في حال عبادتهم وإخلاصهم أو هو استئناف كأن قائلاً قال : ما لهم يستخلفون ويؤمنون ؟ فقال : { يعبدونني } وعلى الوجهين فقوله { لا يشركون } بدل من { يعبدونني } أو بيان لها . وفيه دليل على أن المقصود من الكل هو عبادة الله تعالى والإخلاص له . { ومن كفر } بهذه النعم الجسام وهي الاستخلاف والتمكين والأمن بعد الخوف بعد حصول ذلك أو بعدما ذكر { فأولئك هم } الكاملون في الفسق . قال أهل السنة : في الآية دلالة على إمامة الخلفاء الراشدين لأن قوله { منكم } للتبعيض وذلك البعض يجب أن يكون من الحاضرين في وقت الخطاب ، ومعلوم أن الأئمة الأربعة كانوا من أهل الإيمان والعمل الصالح ، وكانوا حاضرين وقتئذ وقد حصل لهم الاستخلاف والفتوح ، فوجب أن يكونوا مرادين من الآية . واعترض بأن قوله { منكم } لم لا يجوز أن يكون للبيان ، ولم لا يجوز أن يراد بالاستخلاف في الأرض هو إمكان التصرف والتوطن فيها كما في حق بني إسرائيل ؟ سلمنا لكن لم لا يجوز أن يراد به خلافة علي عليه السلام ؟ والجمع للتعظيم أو يراد هو وأولاده الأحد عشر بعده ؟ وقيل : إن في قوله { ومن كفر بعد ذلك } إشارة إلى الخلفاء المتغلبين بعد الراشدين يؤيده قوله صلى الله عليه وسلم " الخلافة من بعدي ثلاثون سنة ثم تصير ملكاً عضوضاً " .

/خ64