الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري - الزمخشري  
{أَفَمَن شَرَحَ ٱللَّهُ صَدۡرَهُۥ لِلۡإِسۡلَٰمِ فَهُوَ عَلَىٰ نُورٖ مِّن رَّبِّهِۦۚ فَوَيۡلٞ لِّلۡقَٰسِيَةِ قُلُوبُهُم مِّن ذِكۡرِ ٱللَّهِۚ أُوْلَـٰٓئِكَ فِي ضَلَٰلٖ مُّبِينٍ} (22)

{ أَفَمَن } عرف الله أنه من أهل اللطف فلطف به حتى انشرح صدره للإسلام ورغب فيه وقبله كمن لا لطف له فهو حرج الصدر قاسي القلب ، ونور الله : هو لطفه . وقرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية فقيل : يا رسول الله ، كيف انشراح الصدر ؟ قال : " إذا دخل النور القلب انشرح وانفسح " ، فقيل : يا رسول الله ، فما علامة ذلك ؟ قال : " الإنابة إلى دار الخلود ، والتجافي عن دار الغرور ، والتأهب للموت قبل نزول الموت " ، وهو نظير قوله : { أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ } [ الزمر : 9 ] في حذف الخبر { مّن ذِكْرِ الله } من أجل ذكره ، أي : إذا ذكر الله عندهم أو آياته اشمأزوا وازدادت قلوبهم قساوة ، كقوله تعالى : { فَزَادَتْهُمْ رِجْسًا إلى رِجْسِهِمْ } [ التوبة : 125 ] . وقرىء : «عن ذكر الله »

فإن قلت : ما الفرق بين من وعن في هذا ؟ قلت : إذا قلت : قسا قلبه من ذكر الله ، فالمعنى ما ذكرت ، من أن القسوة من أجل الذكر وبسببه ، وإذا قلت : عن ذكر الله ، فالمعنى : غلظ عن قبول الذكر وجفا عنه . ونظيره : سقاه من العيمة ، أي من أجل عطشه ، وسقاه عن العيمة : إذا أرواه حتى أبعده عن العطش .