الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري - الزمخشري  
{وَٱخۡتِلَٰفِ ٱلَّيۡلِ وَٱلنَّهَارِ وَمَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مِن رِّزۡقٖ فَأَحۡيَا بِهِ ٱلۡأَرۡضَ بَعۡدَ مَوۡتِهَا وَتَصۡرِيفِ ٱلرِّيَٰحِ ءَايَٰتٞ لِّقَوۡمٖ يَعۡقِلُونَ} (5)

فعملت الجر في ( واختلاف الليل والنهار ) ، والنصب في { ءايات } . وإذا رفعت فالعاملان : الابتداء وفي عملت الرفع في { لآيات } ، والجر في { واختلاف } وقرأ ابن مسعود «وفي اختلاف الليل والنهار »

فإن قلت : العطف على عاملين على مذهب الأخفش سديد لا مقال فيه ، وقد أباه سيبويه ، فما وجه تخريج الآية عنده ؟ قلت : فيه وجهان عنده . أحدهما : أن يكون على إضمار في . والذي حسنه تقدّم ذكره في الآيتين قبلها . ويعضده قراءة ابن مسعود . والثاني : أن ينتصب آيات على الاختصاص بعد انقضاء المجرور معطوفاً على ما قبله أو على التكرير ، ورفعها بإضمار هي : وقرىء : «واختلاف الليل والنهار » بالرفع . وقرىء «آية » وكذلك وما يبث من دابة آية . وقرىء «وتصريف الريح » والمعنى : إنّ المنصفين من العباد إذا نظروا في السموات والأرض النظر الصحيح ، علموا أنها مصنوعة ، وأنه لا بدّ لها من صانع ، فآمنوا بالله وأقرّوا ، فإذا نظروا في خلق أنفسهم وتنقلها من حال إلى حال وهيئة إلى هيئة ، وفي خلق ما على ظهر الأرض من صنوف الحيوان ، ازدادوا إيماناً ، وأيقنوا وانتفى عنهم اللبس ؛ فإذا نظروا في سائر الحوادث التي تتجدّد في كل وقت كاختلاف الليل والنهار ونزول الأمطار وحياة الأرض بها بعد موتها . { وَتَصْرِيفِ الرياح } جنوباً وشمالاً وقبولاً ودبوراً : عقلوا واستحكم علمهم وخلص يقينهم ، وسُمّيَ المطر رزقاً ؛ لأنه سبب الرزق .