فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{وَٱخۡتِلَٰفِ ٱلَّيۡلِ وَٱلنَّهَارِ وَمَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مِن رِّزۡقٖ فَأَحۡيَا بِهِ ٱلۡأَرۡضَ بَعۡدَ مَوۡتِهَا وَتَصۡرِيفِ ٱلرِّيَٰحِ ءَايَٰتٞ لِّقَوۡمٖ يَعۡقِلُونَ} (5)

{ واختلاف الليل والنهار وما أنزل الله من السماء من رزق فأحيا به الأرض بعد موتها وتصريف الرياح آيات لقوم يعقلون( 5 ) } .

تعاقب الليل والنهار لا يسبق أحدهما الآخر ، واختلافهما هذا نيّر وذاك مظلم ، من نعم الله الكريم الوهاب : { قل أرأيتم إن جعل الله عليكم الليل سرمدا إلى يوم القيامة من إله غير الله يأتيكم بضياء أفلا تسمعون . قل أرأيتم إن جعل الله عليكم النهار سرمدا إلى يوم القيامة من إله غير الله يأتيكم بليل تسكنون فيه أفلا تبصرون . ومن رحمته جعل لكم الليل والنهار لتسكنوا فيه ولتبتغوا من فضله ولعلكم تشكرون }{[4523]}- أي لتسكنوا في الليل ، ولتبتغوا من فضله بالسعي على الرزق في النهار- ومع كونهما من آلاء المولى- تبارك اسمه- فهما برهانان على قوته- عز شأنه- واقتداره . والمطر الذي ينزله ربنا- الرزاق- من سحاب نراه جهة السماء يحيي به اللطيف الخبير ما كان هامدا من بقاع الأرض ، فتهتز وتربو وتنبت من كل زوج بهيج ، بل ويحيي به سبحانه أحياء الأرض . . ويغيث دوابها ، فمن ثمراته متاع الإنسان والحيوان من طعام وسقيا ، ويرسل العليم الحكيم رياحا لواقح ، وأخرى بشرى بين يدي رحمته : { والله الذي أرسل الرياح فتثير سحابا فسقناه إلى بلد ميت فأحيينا به الأرض بعد موتها . . }{[4524]} ، وثالثة يجري بها الفلك ، ورابعة ينصر بها أنبياءه وأولياءه : { يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم إذ جاءتكم جنود فأرسلنا عليهم ريحا . . } {[4525]} . وخامسة عقيما صرصرا ، عاصفة عاتية ، يُدمر بها أعداءه { . . بل هو ما استعجلتم به ريح فيها عذاب أليم . تدمر كل شيء بأمر ربها }{[4526]} { ما تذر من شيء أتت عليه إلا جعلته كالرميم }{[4527]} أليس في ذلك ما تهتدي به العقول ؟ !


[4523]:سورة القصص. الآيات: 71، 72، 73.
[4524]:سورة فاطر. من الآية 9.
[4525]:في المروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم:(نصرت بالصبا وأهلكت عاد بالدبور)؛ والآية من سورة الأحزاب.
[4526]:سورة الأحقاف. من الآيتين:34، 35.
[4527]:سورة الذاريات. الآية 43.