ثم قال تعالى : { واختلاف الليل والنهار وما أنزل الله من السماء من رزق فأحيا به الأرض بعد موتها{[62394]} } ، أي : وإن في تعاقب الليل والنهار ، وما ينزل من السماء من مطر{[62395]} يكون عنه من{[62396]} النبات رزقكم{[62397]} . وسمي الماء رزقا لأن{[62398]} عنه يتكون الرزق في الأرض .
وقوله : { فأحيا به الأرض بعد موتها } أي : أنزل الماء{[62399]} فاهتزت الأرض بالنبات بعد أن كانت لا نبات فيها .
ثم قال : { وتصريف الرياح } ، أي : وكون الرياح مرة شمالا ومرة جنوبا ، ومرة صبا ومرة دبورا{[62400]} ، ونحو ذلك من اختلافها لمنافع الخلق .
{ آيات لقوم يعقلون } أي عبرا وحججا لقوم يعقلون عن الله عز وجل أمره ونهيه ، فيتبعون رسله ، ويفهمون عنهم وحيه .
وقوله : { وما يبث من دابة آيات } النصب في ( آيات ) حسن على معنى : وإن في خلقكم آيات . وحسن ذلك لإعادة حرف الجر مع خلقكم{[62401]} .
ويجوز الرفع من ثلاثة أوجه{[62402]} .
أحدها : أن ( تعطفها على الموضع ){[62403]} مثل قراءة الجماعة : { وإذا قيل إن وعد الله حق والساعة }[ 31 ] بالرفع{[62404]} ، عطف على موضع { وعد }{[62405]} .
والوجه الثاني : ترفع ( الآيات ) بالابتداء ، وما قبلها خبرها . وتكون قد عطفت ( جملة على ){[62406]} جملة منقطعة كما تقول إن زيدا خارج ، وأن أجيئك غدا{[62407]} .
والوجه الثالث : أن ترفع على الابتداء والخبر والجملة في موضع الحال . مثل قوله : { يغشى طائفة منكم وطائفة قد أهمتهم أنفسهم }{[62408]} .
وأما قوله : { واختلاف الليل والنهار } – إلى قوله – { آيات } ، فالرفع حسن على ما تقدم من الأوجه .
والنصب عند سيبويه ( والأخفش والكسائي ){[62409]} جائز على العطف على عاملين وهما ( إن ) وحرف{[62410]} الجرف لأنك لم تُعِدْ في مع ( الاختلاف ) كما أعدت أولا ( في ){[62411]} مع ( خلقكم ) . فصرت تعطف بالواو على ما{[62412]} عملت{[62413]} فيه ( إن ) وعلى ما عمل فيه حرف الجر . فتخفض ( الاختلاف ) وتنصب ( الآيات ){[62414]} .
ونظير هذا من الكلام قولك : في الدار زيد والحجرة عمرو{[62415]} فتعطف بالواو على ما عملت فيه ( في ){[62416]} وعلى ما عمل{[62417]} فيه الابتداء فتخفض الحجرة{[62418]} وترفع عمرا ، فتعطف على عاملين ( بحذف{[62419]} واحد . ولو أعدت ( في ) لم يكن عطف على عاملين .
ومنع المبرد القراءة بالنصب وقال : لا يجوز العطف على عاملين{[62420]} .
وكان الزجاج يحتج لسيبويه بأن قال : إن{[62421]} من رفع يقول : إنما قطعته مما قبله فرفعته بالابتداء وما قبله رفع فهو أيضا عطف على عاملين لأنه عطف ( واختلاف ) على ( خلقكم ){[62422]} وعطف ( آيات ) على موضع ( آيات ) الأولى{[62423]} .
قال : / فقد صار العطف على عاملين إجماعا{[62424]} .
وهذا ، لا يلزم ، لأن من رفع يقول : إنما قطعته مما قبله فرفعته بالابتداء{[62425]} وما قبله خبره .
وحكى الفراء رفع ( الاختلاف ) ورفع ( الآيات ) . جعل ( الآيات ) هو ( الاختلاف ){[62426]} . وهذا وجه حسن ظاهر لولا أن القراءة سنة .
وإنما بعد العطف على عاملين ( عند المبرد وغيره لأن حرف العطف إنما أتى به لينوب مناب العامل للاختصار . فلم يقرأ{[62427]} أن يجعل ينوب مناب عاملين مختلفين ، ولو جاز أن ينوب مناب عاملين{[62428]} ) لجاز أن ينوب مناب ثلاثة وأكثر ( وهذا لا يقوله أحد{[62429]} ) لأنه لو ناب مناب رافع وناصب لكان [ رافعا{[62430]} ( ناصبا ){[62431]} في حال ، وللزوم أن ينوب مناب رافع وناصب وجاز فيكون ]{[62432]} ناصبا ورافعا جارا في حال . وهذا محال ظاهر على أنهم قد أجمعوا أنه لا يجوز إذا تأخر المجرور ، نحو{[62433]} قولك : زيد في الدار وعمرو الحجرة ، وإنما أجازه من أجازه إذا كان المجرور يلي حرف{[62434]} العطف . وهذا تحكم{[62435]} بغير علة{[62436]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.