الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري - الزمخشري  
{ثُمَّ بَدَّلۡنَا مَكَانَ ٱلسَّيِّئَةِ ٱلۡحَسَنَةَ حَتَّىٰ عَفَواْ وَّقَالُواْ قَدۡ مَسَّ ءَابَآءَنَا ٱلضَّرَّآءُ وَٱلسَّرَّآءُ فَأَخَذۡنَٰهُم بَغۡتَةٗ وَهُمۡ لَا يَشۡعُرُونَ} (95)

{ ثُمَّ بَدَّلْنَا مَكَانَ السيئة الحسنة } أي أعطيناهم بدل ما كانوا فيه من البلاء والمحنة والرخاء والصحة والسعة كقوله : { وبلوناهم بالحسنات والسيئات } [ الأعراف : 168 ] { حتى عَفَواْ } كثروا ونموا في أنفسهم وأموالهم ، من قولهم : عفا النبات وعفا الشحم والوبر ، إذا كثرت . ومنه قوله صلى الله عليه وسلم : « واعفوا عن اللحى » ، وقال الحطيئة :

بِمُسْتَأْسِدِ القِرْيَان عَافَ نَبَاتُهُ ***

وقال :

وَلَكِنَّا نَعُضُّ السَّيْفَ مِنْهَا *** بِأَسْوَقَ عَافِيَاتِ الشّحْمِ كُومِ

{ وَّقَالُواْ قَدْ مَسَّ ءابَاءنَا الضراء والسراء } يعني وأبطرتهم النعمة وأشروا فقالوا : هذه عادة الدهر ، يعاقب في الناس بين الضراء والسراء . وقد مسّ آباؤنا نحو ذلك ، وما هو بابتلاء من الله لعباده ، فلم يبق بعد ابتلائهم بالسيئات والحسنات إلاّ أن نأخذهم بالعذاب { فأخذناهم } أشدّ الأخذ وأفظعه ، وهو أخذهم فجأة من غير شعور منهم .