اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{وَقَالُواْ يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِي نُزِّلَ عَلَيۡهِ ٱلذِّكۡرُ إِنَّكَ لَمَجۡنُونٞ} (6)

قوله : " وقَالُوا " ، يعنى مشركي مكَّة { يا أيها الذي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذكر } ، أي : القرآن ، وأراد به محمداً صلى الله وعليه وسلم .

والعامة على : " نُزِّلَ " مشدَّداً ، مبنيًّا للمفعول ، وقرأ زيد{[19448]} بن علي : " نَزلَ " ، مخفّفاً مبنيًّا للفاعل .

{ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ } وذكروا نزول الذِّكر ؛ استهزاء ، وإنما وصفوه بالجنون ، إما لأنه -صلوات الله وسلامه عليه- كان يظهر عليه عند نزول الوحي ، حالةٌ شبيهةٌ بالغشي ؛ فظنُّوا أنَّها جنونٌ ، ويدلُّ عليه قوله تعالى : { أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُواْ مَا بِصَاحِبِهِمْ مِّن جِنَّةٍ } [ الأعراف : 184 ] .

وإما لأنه كان يستبعدون كونه رسولاً حقًّا من عند الله ؛ لأن الرجل إذا سمع كلاماً مستبعداً من غيره ، فربما قال : به جنون .


[19448]:ينظر: البحر المحيط 5/434، الدر المصون 4/288.