قوله : { يَوْمَ نَحشُرُ } منصوب ب " سَيَكْفُرون " ، أو ب " يَكونُونَ " عليْهِمْ ضدًّا " أو ب " نَعُد {[22563]} " {[22564]} لأن " نَعُدُّ " تضمن معنى المجازاة ، أو بقوله : { لا يَمْلِكُونَ }{[22565]} الذي بعده ، أو بمضمر وهو " اذكُرْ " أو " احْذَرْ " {[22566]} .
وقيل : هو معمول لجواب سؤال مقدر كأنه قيل : " متى يكون ذلك ؟ فقيل " {[22567]} : يكون يوم نحشر{[22568]} . وقيل : تقديره : يوم نحشر ونسوق : نفعل بالفريقين ما لا يحيط به الوصف{[22563]} .
قوله{[22564]} : { وفداً } نصب على الحال{[22565]} ، وكذا " {[22566]} ورْداً " .
والوَفْدُ : الجماعة الوافدون ، يقال : وَفَدَ يَفِدُ وَفْداً ووفوداً وفَادَةً ، أي : قدم على سبيل التكرمة{[22567]} ، فهو{[22568]} في الأصل مصدر ثم أطلق على الأشخاص كالضيف .
وقال أبو البقاء : وفد{[7]} جمع وافد مثل راكب ورَكْب ، وصاحب وصَحْب{[8]} .
وهذا الذي قاله ليس مذهب سيبويه{[9]} ، لأن فاعلاً لا يجمع على فعل عند سيبويه . وأجازه الأخفش{[10]} .
فأمَّا{[11]} رَكْب وصَحْب فاسما جمع لا جمع بدليل تصغيرها على ألفاظها ، قال :
أخْْشَى رجَيْلاً وَرُكَيْباً{[12]} عَاديَا{[13]} *** . . .
فإن قيل : لعل أبا البقاء أراد الجمع اللغوي .
فالجواب : أنه قال بعد قوله هذا : والوِرْد اسم لجمع وارد{[14]} . فدل على أنه قصد الجمع صناعة المقابل لاسم الجمع . والوِرْد اسم للجماعة العطاش الواردين{[15]} للماء ، وهو أيضاً في الأصل{[16]} مصدر أطلق{[17]} على الأشخاص ، يقال : وَرَد الماء يردُه وِرْداً وورُوداً{[18]} ، قال الشاعر :
رِدِي رِدِي{[19]} وِرْدَ قَطَاةٍ صَمًّا *** كَدريَّةٍ أعْجَبْهَا بَرْدَ الْمَا{[20]}
وقال أبو البقاء : هو اسم لجمع وارد ، " وقيل : هو بمعنى وارد " {[21]} وقيل : هو محذوف من وراد ، وهو بعيد{[22]} . يعني أنه يجوز أن يكون صفة على فَعْل . وقرأ الحسن والجحدري " يُحْشَرُ المتَّقُونَ " {[23]} " ويُسَاقُُ المُجْرِمُون " على ما لم يسم فاعله{[24]} .
قال المفسرون : اذكر لهم يا محمد{[25]} اليوم الذي يجمع فيه من اتقى الله في الدنيا بطاعته إلى الرحمن إلى جنته وفْداً ، أي جماعات ، جمع وافد مثل راكب ورَكْب وصاحب وصَحْب . وقال ابن عباس : رُكْبَاناً : وقال أبو هريرة : على الإبل .
وقال علي بن أبي طالب- " رضي الله عنه " {[26]} - : ما يُحْشَرون والله على أرجلهم ، ولكن على نوق رجالها الذهب ، ونجائب سروجها ياقوت{[27]} إن هموا بها سارت وإنْ همُّوا طارت .
{ وَنَسُوقُ المجرمين إلى جَهَنَّمَ وِرْداً } أي : مُشاة ، وقيل : عطاشاً قد تقطعت أعناقهم من العطش{[22575]} .
وقوله { ونَسُوق المجرمينَ } يدل على أنهم يساقون إلى النار بإهانة واستخفاف كأنهم عطاش تساق إلى الماء ، والوِرْدُ للعطاش{[22576]} وحقيقة الوِرْد الميسرُ إلى الماء ، فسمي به " الواردون{[22577]} " {[22578]} .
طعن الملاحدة{[22579]} في قوله : { يَوْمَ نَحْشُرُ المتقين إِلَى الرحمن } فقالوا : هذا إنما يستقيم أن لو كان الحشر عند غير الرحمن{[22580]} ، أما إذا كان الحشر عند الرحمن ، فهذا الكلام لا ينتظم . وأجاب المسلمون : بأنَّ التقدير : يوم نحشرُ المتقِّين إلى محلِّ كرامةِ الرحمن .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.