اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{قَالَ قَدۡ أُوتِيتَ سُؤۡلَكَ يَٰمُوسَىٰ} (36)

قوله تعالى : { قَالَ قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يا موسى وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلَيْكَ مَرَّةً أخرى } فُعْل بمعنى مَفْعُول كقولك{[24078]} : خُبْزٌ بمعنى مَخْبُوز وأُكْلٌ بمعنى مَأْكُول ، ولا ينقاس{[24079]} و " مَرَّةً " مصدر ، و " أُخْرَى " تأنيث آخر بمعنى : غير ، وزعم بعضهم أنها بمعنى آخرة فتكون مقابلة للأولى{[24080]} ، وتخيَّلَ لذلك بأن قال سمَّها أخرَى وهي أولَى ، لأنها أخرى في الذكر{[24081]} .

فصل

إن موسى{[24082]} عليه السلام{[24083]} لما سأل{[24084]} ربه تلك{[24085]} الأمور الثمانية ، وكان في المعلوم أن قيامه بما كلفه{[24086]} ( لا يتم إلا بإجابته إليها ، لا جرم أجابه الله تعالى إليها ليكون أقدر على إبلاغ ما كلف به{[24087]} ) فقال : { قَالَ قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يا موسى وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلَيْكَ مَرَّةً أخرى } فنبه بذلك على أمور :

أحدها{[24088]} : كأنه تعالى قال : إني رَاعَيْتُ مَصْلَحَتَكَ قبل سؤالك{[24089]} فكيف لا أُعطيك مرادك بعد السؤال .

وثانيها{[24090]} : إني{[24091]} كنت ربيتُك فلو منعتك الآن كان ذلك رداً بعد القبول وإساءة بعد الإحسان ، فكيف يليق بكرمي .

وثالثها{[24092]} : إنا أعطيناك في الأزمنةِ السالفةِ كلَّ ما احتجتَ إليه ، ورقَّيْنَاكَ إلى الدرجة العالية ، وهي درجة{[24093]} النبوة ، فكيف يليق بمثل هذه الرتبة{[24094]} المنع عن المطلوب .


[24078]:في ب: كقوله.
[24079]:انظر الكشاف 2/433.
[24080]:وقد نفاه أبو حيان في البحر المحيط فقال: (وليست أخرى بمعنى فتكون مقابلة للأولى) 6/240.
[24081]:انظر البحر المحيط 6/240.
[24082]:من هنا نقله ابن عادل عن الفخر الرازي 22/51.
[24083]:في ب: عليه الصلاة والسلام.
[24084]:في ب: لما ذكر لما سأل.
[24085]:في ب: في هذه. وهو تحريف.
[24086]:في ب: كلف به.
[24087]:ما بين القوسين سقط من ب.
[24088]:في ب: الأول.
[24089]:في ب: سؤلك.
[24090]:في ب: والثاني.
[24091]:في ب: إن.
[24092]:في ب: والثالث.
[24093]:في ب: منصب.
[24094]:في النسختين: التربية. والصواب ما أثبته.