" وَأُشْرِكْهُ " بضم الهمزة للمضارعة ، وجزم الفعل نسقاً على ما قبله حكاية عن موسى : أنا أفعل{[24022]} ذلك{[24023]} . وقرأ الباقون بحذف همزة الوصل من الأول ، وفتح{[24024]} همزة القطع في الثاني على أنهما دعاء من موسى لربه بذلك{[24025]} ، وعلى هذه الجملة قد ترك فيها العطف خاصة دون ما تقدمها من جمل الدعاء وقرأ الحسن " أُشَْدّدْ " مضارع شدد بالتشديد{[24026]} .
والوزير{[24027]} : قيل : مشتق من الوِزْر ، وهو الثقل{[24028]} . وهو الثقل{[24029]} . وسمي به{[24030]} لأنه تحمل أعباء الملك ومؤنه ، فهو معين على أمر الملك وقائم بأمره .
وقيل : هو{[24031]} من الوَزر ، وهو الحبل الذي يحتصن به وهو الملجأ{[24032]} لقوله تعالى : { كَلاَّ{[24033]} لاَ وِزْرَاً } {[24034]} {[24035]} قال :
مِنَ السِّبَاعِ الضَّوَارِي دُونَهَا وَزَرٌ *** وَالنَّاسُ شَرُّهُمُ مَا دُونَهُ وَزَرُ
كَمْ مَعْشَرٍ سَلِمُوا لَمْ يُؤذِهِمْ سَبْعٌ *** وَلاَ تَرَى بَشَراً لَمْ يُؤْذِهِم بَشَرُ{[24036]}
وقيل{[24037]} : من المُؤَازَرَةِ ، وهي المعاونة ، نقله الزمخشري عن الأصمعي قال : وكان القياس أَزيراً{[24038]} يعني بالهمزة ، لأن المادة كذلك ، قال الزمخشري : ( فقلبت ){[24039]} : الهمزة إلى الواو ، ووجه قلبها إليها أنَّ فَعِيلاً جاء بمعنى مُفَاعِل مجيئا صالحاً كقولهم : عَشِيرِ ، وجَلِيسِ ، وخَلِيط وصَدِيق ، وخَلِيل ، ونَدِيم فلما قلبت في أخيه قلبت فيه ، وحمل الشيء على نظيره ليس بعزيز ، ونظر إلى يؤازر{[24040]} وإخوته وإلى المؤازرة{[24041]} . يعني أن وزيراً بمعنى مُؤَازر ، ومُؤازر تقلب فيه الهمزة واواً{[24042]} قليلة قياساً ، لأنها همزة مفتوحة بعد ضمة{[24043]} {[24044]} فهو نظير مُؤَجَّل ويُؤاخذكم وشبهه ، فَحُمِلَ أَزير عليه في القلب ، وإنْ لم يكن فيه سبب القلب . والمُؤازرة مأخوذةٌ من إزار الرجل ، وهو الموضع الذي يشده الرجل إذا استعد لعمل متعب{[24045]} .
اعلم{[24046]} أن طلبَ الوزير إما أنه خاف على نفسه العجزَ عن القيام بذلك الأمر فطلب المُعين ، أو لأنه رأى أنَّ التعاونَ على الدين والتظاهرَ عليه مع مخالصة الود وزوال التهمة قربةٌ عظيمة في الدعاء إلى الله تعالى ، ولذلك قال عيسى ابن مريم{[24047]} : { مَنْ أنصاري إِلَى الله قَالَ الحواريون نَحْنُ أَنْصَارُ الله }{[24048]} ، وقال لمحمد عليه السلام{[24049]} { يا أيها النبي{[24050]} حَسْبُكَ الله وَمَنِ اتبعك مِنَ المؤمنين }{[24051]} وقال عليه السلام{[24052]} : " إنَّ لِي في السَّمَاءِ وَزِيرَيْنِ ، وَفِي الأَرْضِ وَزِيرَيْن فاللَّذانَ فِي السَّماءِ جِبْريلُ وميكائيلُ ( عليهما السلام ){[24053]} وّاللَّذانِ في الأرض أبو{[24054]} بكرٍ وَعمَرُ ( رضي الله عنهما {[24055]} " ){[24056]} " .
وقال عليه السلام{[24057]} : " إذَا أَرَادَ اللهُ بِمَلِكٍ خيراً قَيَّضَ اللهُ لَُ وَزِيراً صَالِحاً إنْ نَسِيَ ذكَّره ، وإنْ نَوَى خَيْراً أعانَه ، وإنْ أَرَادَ شَرَّاً كَفَّهُ " {[24058]} وقال أنوشروان : لاَ يَسْتَغْنِي أجودُ السيوف عن الصقل ، ولا أكرمُ الدوابَّ عن السَّوْط ( ولا أعلمُ الملوك عن الوزير ){[24059]} {[24060]} . وأراد موسى - عليه السلام-{[24061]} أن يكون ذلك الوزير من أهله أي من أقاربه ، وأن يكون أخاه هارون ، والسببُ فيه إما لأن التعاونَ على الدين{[24062]} منفعة عظيمة فأراد{[24063]} أن لا تحصل هذه{[24064]} الدرجة إلا بأهله ، أو لأن كل واحد منهما كان في غاية المحبة لصاحبه{[24065]} .
وكان هارونُ أكبرَ سناً من موسى بأربع سنين ، وكان أفصحَ منه لساناً ، وأجملَ وأوسمَ أبيض اللون ، وكان موسى آدم اللون أقْنَى جَعْداً{[24066]} .
و " اشْدُدْ بِهِ ( أزري ) قَوِّ ){[24067]} ظَهْري ، " وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي " في النبوة . والأَزْرُ القوة ، وَآزَرَهُ : قَوَّاه . وقال أبو عبيدة{[24068]} : أَزْرِي : ظَهْرِي{[24069]} . وفي كتاب الخليل : الأَزْرُ الظَّهرُ{[24070]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.