اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{وَٱصۡطَنَعۡتُكَ لِنَفۡسِي} (41)

قوله : { واصطنعتك{[24366]} لِنَفْسِي } ( أي اخترتُك واصطفيتُك افتعال من الصنع لوحيي ورسالتي . وأبدلت التاء طاء ){[24367]} ، لأجل حرف الاستعلاء{[24368]} .

وهذا مجازٌ عن قرب منزلته ، ودنوه من ربه ، لأن أحداً لا يصطنع إلا من يختاره .

قال القفال : واصطنعتُكَ أصله من قولهم : اصطنع فلانٌ فلاناً إذا أحسن إليه حتى يضاف إليه فيقال : هذا صنيعُ فلانٍ وجريحُ فلانٍ . وقوله : " لِنَفْسِي " أي : لأصرفك{[24369]} في أوامري لئلا تشتغل إلا بما أمرتك به ، وهو إقامة حجتي وتبليغ رسالتي ، وأن تكون في حركاتك وسكناتك لي لا لنفسك ولا لغيرك{[24370]} .

وقال الزجاج : اخترتُكَ لأمري{[24371]} ، وجعلتك القائم بحجتي ، والمخاطب بيني وبين خلقي : كأني الذي أقمت عليهم الحجة وخاطبتهم{[24372]} .


[24366]:في ب: واصطفيتك . وهو تحريف.
[24367]:ما بين القوسين سقط من ب.
[24368]:التاء تبدل طاء باطراد في (افتعل)، إذا كانت الفاء صادا، أو ضادا، أو طاء، أو ظاء، وذلك للتباعد بين التاء وبين هذه الحروف، إذ التاء منفتحة منسفلة وهذه الحروف مطبقة مستعلية فأبدلوا من التاء أختها في المخرج، وأخت هذه الحروف في الاستعلاء والإطباق وهي الطاء. فتقول في (افتعل) من الصبر: اصطبر و من الضرب: اضطرب ومن الظهر: اظطهر، ومن الطرد: اطّرد. فتدغم لأنك لما أبدلت التاء طاء اجتمع لك مثلان، الأول منهما ساكن، فأدغمت ولم تبدل التاء لأجل الإدغام، بل التباعد الذي بين الطاء والتاء كما فعلت ذلك مع الحروف الأخرى. انظر سر صناعة الإعراب 1/217 – 219. شرح الشافية 3/226 الممتع 1/360 ـ 361.
[24369]:في الأصل: لأصرفنك.
[24370]:انظر الفخر الرازي 22/56.
[24371]:في ب: لنفسي وأمري.
[24372]:لم أعثر على ما قاله الزجاج في معاني القرآن وإعرابه، وهو في البغوي 5/431، 432.