قوله : { يَذْكُرُهُمْ } . في هذه الجملة أوجه :
أحدها : أن «سمع » هنا يتعدى لاثنين ، لأنها متعلقة بعين ، فيكون «فَتًى » مفعولاً أولاً و «يَذْكُرُهُمْ » هذه الجملة في محل نصب مفعول ثانياً ، ألا ترى أنك لو قلت : سَمِعْتُ زَيْداً ، وسَكتّ لم يكن كلاماً بخلاف : سمعت قراءته وحديثه{[28801]} .
والثاني : أنها في محل نصب أيضاً صفة ل «إبراهيم » .
قال الزمخشري : فإن قُلْتَ : ما حكم الفعلين بعد «سَمِعْنَا » ، وما الفرق بينهما ؟ قلت : هما صفنان ل «فَتًى » إلاَّ أنَّ الأول وهو «يَذْكُرُهُمْ » لا بدَّ منه{[28802]} ل «سَمِع »{[28803]} لأنك لا تقول : سَمِعْتُ زَيْداً وتسكت حتى تذكر شيئاً مما يسمع ، وأما الثاني فليس كذلك{[28804]} . وهذا الذي قاله{[28805]} لا يتعين لما عرفت أن{[28806]} سمع إن تعلقت بما سمع{[28807]} نحو سمعت مقالة بكر فلا خلاف أنها تتعدى لواحد . وإن تعلقت بما لا يسمع فلا يكتفى به أيضاً بلا خلاف بل لا بدّ من ذكر شيء يسمع ، فلو قلت : سَمِعْتُ زَيْداً ، وسكت ، أم سَمِعْتُ زَيْداً يركب ، لم يجز ، فإن قلت : سمعته يقرأ صح ، وجرى في ذلك خرف بين النحاة فأبو علي يجعلها متعدية لاثنين ، ولا يتمشى عليه قول الزمخشري . وغيره يجعلها متعدية لواحد ، ويجعل الجملة بعد المعرفة حالاً وبعد النكرة صفة ، وهذا أراد الزمخشري{[28808]} .
قوله : { إِبْرَاهِيمُ } . في رفع «إِبْرَاهِيمُ » أوجه :
أحدها : أنه مرفوع على ما لم يسم فاعله ، أي : يقال له هذا اللفظ ، وكذلك قال أبو البقاء : فالمراد الاسم لا المسمى{[28809]} . وفي هذه المسألة خلاف بين النحويين أعني تسلط القول على المفرد الذي يؤدي معنى جملة ولا هو مقتطع من جملة ، ولا هو مصدر ل «قال » ، ولا هو صفة لمصدره نحو : قلت زَيْداً ، أي : قلت هذا اللفظ ، فأجازه جماعة كالزجاجي{[28810]} والزمخشري وابن خروف{[28811]} وابن مالك ، ومنعه آخرون{[28812]} . وممن اختار رفع «إِبْرَاهِيمُ » على ما ذكرت{[28813]} الزمخشري وابن عطية{[28814]} . أمَّا إذا كان المفرد مؤدياً معنى جملة كقولهم : قلت خطبة وشعراً وقصيدة أو اقتطع من جملة كقوله :
3729- إذَا ذُقْتَ فَاهَا قُلْتَ طَعْمُ مُدَامةٍ *** مُعَتَّقَةٍ مِمَّا يَجِيءُ بِهِ التُّجُرْ{[28815]}
أو كان مصدراً نحو قُلْتُ قَوْلاً ، أو صفة له نحو : قُلْتُ حقاً أو باطِلاً ، فإنه يتسلط عليه كذا قالوا{[28816]} . وفي قولهم : المفرد المقتطع من الجملة نظر ، لأنَّ هذا لم يتسلط عليه القول إنما تسلط{[28817]} على الجملة المشتملة عليه .
الثاني : أنه خبر مبتدأ مضمر ، يقال له : هذا إبراهيم ، أو هو إبراهيم{[28818]} .
الثالث : أنه مبتدأ محذوف الخبر ، أي : يقال له إبراهيم فاعل ذلك{[28819]} .
الرابع : أنه منادى وحرف{[28820]} النداء محذوف أي : يا إبراهيم{[28821]} .
وعلى الأوجه الثلاثة فهو مقتطع من جملة ، وتلك الجملة محكية ب «يُقَالُ » وتقدم تحقيق{[28822]} هذا في البقرة عند قوله { وَقُولُواْ حِطَّةٌ }{[28823]} رفعاً ونصباً ، وفي الأعراف عند قوله { قَالُواْ مَعْذِرَةً }{[28824]} رفعاً ونصباً . والجملة من «يُقَالُ لَهُ »{[28825]} يحتمل أن تكون مفعولاً آخر نحو ظننت زيداً كاتباً شاعراً . وأن تكون على رأي الزمخشري{[28826]} ومن تابعه وأن تكون حالاً من «فَتًى » وجاز ذلك لتخصصها بالوصف{[28827]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.