قوله تعالى :{ وَنَجَّيْنَاهُ وَلُوطاً إِلَى الأرض التي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ } لما نصره الله تعالى أتم النعمة عليه بأن نجاه ونجَّى لوطاً وهو ابن أخيه ، وهو لوط بن هاران نجاهما من نمروذ وقومه من أرض العراق إلى الأرض التي باركنا فيها للعالمين يعني مكة ، وقيل : أرض الشام بارك الله فيها بالخصب وكثرة الأشجار والثمار والأنهار ، ومنها بعث أكثر الأنبياء{[28967]} .
وقال تعالى : { إلى المسجد الأقصى الذي بَارَكْنَا حَوْلَهُ }{[28968]} قال أُبي بن كعب : سماها مباركة ، لأنّ ما من ماء عذب وإلا وينبع أصله من تحت الصخرة التي ببيت المقدس{[28969]} وروى قتادة أنّ عمر بن الخطاب قال لكعب : ألا تتحول إلى المدينة فيها مهاجر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقبره ، فقال إني وجدت في كتاب الله المنزل يا أمير المؤمنين أن الشام كنز الله من أرضه وبها كنزه من عباده{[28970]} .
وروى عبد الله بن عمرو بن العاص قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : «إنها ستكون هجرة بعد هجرة فخيار الناس إلى مهاجر إبراهيم » {[28971]} قوله : { وَلُوطاً } يجوز فيه وجهان :
أحدهما : أَنْ يكونَ معطوفاً على المفعول قبله{[28972]} .
والثاني : أَنْ يكونَ مفعولاً معه . والأول أولى .
وقوله : { إِلَى الأَرْضِ } يجوز فيه وجهان :
أحدهما : أن يتعلق ب «نَجَّيْنَاهُ » على أن يتضمن معنى أخرجناه بالنجاة فلما ضمن معنى أخرج تعدى تعديته{[28973]} .
والثاني : أنه لا تضمين{[28974]} فيه وأنَّ حرف الجر يتعلق بمحذوف على أنه حال من الضمير في «نَجَّيْنَاهُ » أي : نجيناه منتهياً إلى الأرض كذا قدره أبو حيان{[28975]} وفيه نظر من حيث إنه قدر كوناً مقيداً وهو كثيراً ما يَرُدُّ على الزمخشري وغيره{[28976]} ذلك .
اعلم أنَّ لوطاً{[28977]} آمن بإبراهيم كما قال تعالى { فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ }{[28978]} وكان ابن أخيه ، وهو لوط بن هاران بن تارخ ، وهاران هو أخو إبراهيم ، وكان لهما أخ ثالث يقال له{[28979]} ناخور بن تارخ ، وآمنت به أيضاً سارة ، وهي بنت عمه ، وهي سارة بنت هاران الأكبر عن إبراهيم فخرج من كوشى{[28980]} من أرض حدود بابل بالعراق مهاجراً إلى ربه ومعه لوط وسارة ، فخرج يلتمس الفرار بدينه والأمان على عبادة ربه حتى نزل حَرَّان{[28981]} فمكث بها ما شاء الله ، ثم ارتحل منها ونزل أرض{[28982]} السبع{[28983]} من فلسطين وهي برية الشام ، ثم خرج منها مهاجراً حتى قدم مصر ، ثم خرج من مصر إلى{[28984]} الشام ، ونزل لوط بالمؤتفكة ، وهي من السبع على مسيرة يوم وليلة وأقرب ، وبعثه الله نبياً ، فلذلك قوله : { وَنَجَّيْنَاهُ وَلُوطاً إِلَى الأرض التي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ }{[28985]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.