قوله : { قُلْ مَا يَعْبَؤُ بِكُمْ رَبِّي } . قال مجاهد وابن زيد : أي : ما يصنع وما يفعل بكم{[36803]} . قال أبو عبيدة : يقال : ما عَبَأْت به شيئاً{[36804]} ، أي : لم أُبَالِهِ ، فوجوده وعدمه سواء{[36805]} . وقال الزجاج : معناه لا وزن لكم عندي والعبء في اللغة الثقل{[36806]} . وقال أبو عمرو بن العلاء : ما يبالي ربكم{[36807]} ، ويقال : ما عبأت بك ، أي : ما اهتممت ولا اكترثت ، ويقال : عبأت الجيش وعبأته ، أي : هيأته وأعددته{[36808]} . قوله : «لَوْلاَ دُعَاؤُكُمْ » جوابها محذوف لدلالة ما تقدم ، أي : لولا دعاؤكم ما أعبأ بكم ولا أكترث ، و «ما » يجوز أن تكون نافية{[36809]} ، وهو الظاهر ، وقيل : استفهام ، بمعنى النفي{[36810]} ، ولا حاجة إلى التجوز في شيء يصح أن يكون حقيقته بنفسه . و «دُعَاؤُكُمْ » يجوز أن يكون مضافاً للفاعل ، أي : لولا تضرّعكم إليه ، ويجوز أن يكون مضافاً للمفعول ، أي : لولا دعاؤكم إيّاهُ إلى الهدى{[36811]} .
الأول : لولا دعاؤكم إياه في الشدائد كما قال تعالى : { فَإِذَا رَكِبُواْ فِي الفلك دَعَوُاْ الله مُخْلِصِينَ لَهُ الدين } [ العنكبوت : 65 ] .
الثاني : لولا شكركم له على إحسانه ، لقوله : { مَّا يَفْعَلُ الله بِعَذَابِكُمْ إِن شَكَرْتُمْ } [ النساء : 147 ] .
الرابع : لولا إيمانكم{[36812]} .
وقيل المعنى : ما خلقتكم وبي إليكم حاجة إلا أن تسألوني فأعطيكم وتستغفروني فأغفر لكم{[36813]} .
وقيل : المعنى : قل ما يعبأ بخلقكم{[36814]} ربي لولا عبادتكم وطاعتكم إياه ، يعني أنه خلقكم لعبادته كما قال : { وَمَا خَلَقْتُ الجن والإنس إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ } [ الذاريات : 56 ] . قاله ابن عباس ومجاهد{[36815]} . وقيل : معناه ما يبالي بمغفرتكم ربي لولا دعاؤكم معه آلهة ، أو ما يفعل الله بعذابكم لولا شرككم كما قال : { مَّا يَفْعَلُ الله بِعَذَابِكُمْ إِن شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ } [ النساء : 147 ] .
قوله : «فَقَدْ كَذَّبْتُمْ » أيها الكافرون يخاطب أهل مكة ، يعني أن الله دعاكم بالرسول إلى توحيده وعبادته فقد كذبتم الرسول ولم تجيبوه . وقرئ{[36816]} «فقد كذب الكافرون »{[36817]} قوله : { فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَاماً } أي : فسوف يلزمكم أثر تكذيبكم ، وهذا عقاب الآخرة ، ونظيره أن يقول الملك لمن استعصى عليه : إن من عادتي{[36818]} أن أحسن إلى من يطيعني{[36819]} فقد عصيت فسوف ترى ما أحل بك بسبب عصيانك{[36820]} .
قوله : «لِزَاماً » قرئ بالفتح{[36821]} يعني اللزوم{[36822]} كالثبات والثبوت{[36823]} .
قال ابن عباس : موتاً{[36824]} . وقال أبو عبيدة : هلاكاً{[36825]} . وقال ابن زيد : قتالاً والمعنى : يكون التكذيب لازماً لمن كذب فلا يعطى التوبة حتى يجازى بعمله . وقال ابن جريج : عذاباً دائماً لازماً وهلاكاً مُفْنِياً يلحق بعضكم ببعض . قال ابن مسعود وأبيّ بن كعب ومجاهد ومقاتل : هو يوم بدر واتصل بهم عذاب الآخرة لازماً لهم{[36826]} . وقال عبد الله بن مسعود : خمس قد مضين الدخان والقمر واليوم والبطشة واللزام : { فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَاماً } .
روى الثعلبي عن أبيّ بن كعب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «من قرأ سورة الفرقان بعثه الله يوم القيامة وهو يؤمن أن الساعة آتية لا ريب فيها وأن الله يبعث من في القبور ، ودخل الجنة بغير حساب »{[1]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.