الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{وَإِذۡ غَدَوۡتَ مِنۡ أَهۡلِكَ تُبَوِّئُ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ مَقَٰعِدَ لِلۡقِتَالِۗ وَٱللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} (121)

قوله : ( وَإِذْ غَدَوْتَ مِنَ اَهْلِكَ تُبَوِّئُ الْمُومِنِينَ ) الآية [ 121 ] . معناه واذكر إذ غدوت .

واليوم الذي عنى به ذلك : يوم أحد عند مجاهد ، وهو قول ابن عباس والسدي( {[10719]} ) . وقال الحسن : هو يوم الأحزاب( {[10720]} ) .

واستدل من قال يوم أحد بقوله : ( اِذْ هَمَّت طَّائِفَتَانِ مِنكُم أَن تَفْشَلاَ ) ولم يختلف المفسرون ، وأهل السير أن الطائفتين هم بنو سلمة وبنو حارثة ، وأن الذي ذكر من أمرهما إنما كان يوم أحد .

واحتج من قال هو [ يوم ]( {[10721]} ) الأحزاب بأن أهل الأخبار والتواريخ يقولون : إنما راح( {[10722]} ) النبي صلى الله عليه وسلم إلى أحد من أهله للقتال يوم الجمعة بعدما صلى الجمعة بالناس في المدينة والله يقول : ( وَإِذْ غَدَوْتَ ) ولم يقل : وإذ رحت . وقيل : " إنما أمرهم النبي صلى الله عليه وسلم يوم الجمعة غدوة أن يفتقدوا مواضع لنفسهم وجلس حتى صلى عليه السلام ثم خرج ، فتبوؤه( {[10723]} ) كان بالغداة بأمره لهم ومشورته إياهم " ( {[10724]} ) .

ولما شاورهم النبي صلى الله عليه وسلم فيما يصنع أتاه النعمان بن مالك الأنصاري( {[10725]} ) فقال : يا رسول الله ، لا تحرمني الجنة فو الذي بعثك بالحق ، لأدخلن الجنة . فقال : بم ؟ قال : يا نبي الله بأني أشهد ألا إله إلا الله وأنك محمد رسول الله وأني ( لا )( {[10726]} ) أفر من الزحف ، قال : " صدقت( {[10727]} ) " فقتل يومئذ . وقالت الأنصار : يا رسول الله ، ما علمنا عدواً لنا أتانا في دارنا قط فكيف وأنت فينا ؟ وسألوه الخروج إليهم وكان رأي عبد الله هذا( {[10728]} ) اسم أبيه أُبي واسمه عبد الله بن أُبي بن سلول( {[10729]} ) ألا يخرج ويدعهم يدخلون وأكثر عليه الأنصار بالخروج إليهم فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بدرعه فلبسها فلما رأوه قد لبسها ندموا وقالوا : كيف نشير على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، والوحي يأتيه( {[10730]} ) ، فقاموا ، واعتذروا إليه وقالوا : اصنع ما رأيت ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا ينبغي لنبي أن يلبس لامته( {[10731]} ) ، فيضعها حتى يقاتل " ( {[10732]} ) .


[10719]:- انظر: جامع البيان 4/68 والدر المنثور 2/303.
[10720]:- (أ): يوم هو الأحزاب.
[10721]:- ساقط من (ج).
[10722]:- (ج): إنما رأوا.
[10723]:- يقال: تبوأت الدار إذا حللتها حلولاً متمكناً، انظر: اللسان بوأ 1/36.
[10724]:- انظر: جامع البيان 4/70.
[10725]:- النعمان بن مالك الأنصاري صحابي شهد بدراً وأُحداً، انظر: كتاب المغازي 1/211 وطبقات ابن سعد 5/548.
[10726]:- ساقط من (ج).
[10727]:- انظر: أسد الغابة 4/564.
[10728]:- هو عبد الله بن أبي بن سلول أحد رؤساء المنافقين تسرب مع أمثاله من غزوة أُحد. انظر: سيرة ابن هشام 2/118 وكتاب المغازي 1/199.
[10729]:- كذا في كل النسخ. وفيه نظر.
[10730]:- (أ): والوحي يأتوا وهو خطأ.
[10731]:- أصلها لأمته حذفت الهمزة للتخفيف، واللامة: الدرع جمعها لؤم مثل فعل، وهي على غير قياس، ولامة الحرب أداتها. انظر: اللسان "لأم" 12/532.
[10732]:- انظر: كتاب المغازي 1/2/211-214 وانظر: سيرة ابن هشام 1/63.