قوله : { مَا هِيَ إِلاَّ حَيَاتُنَا الدنيا } تقدم نظيره . وقرأ زيد بن علي نُحْيَا بضم النون{[50711]} .
فإن قيل : الحياة متقدمة على الموت في الدنيا فمنكر القيامة كان يجب أن يقول : نحيا ونموت ، فما السبب في تقديم ذكر الموت على الحياة ؟
الأول : المراد بقوله : «نموت » حال كونهم نُطَفاً في أصلاب الآباء وأرحام الأمهات ، وبقوله : «نحيا » ما حصل بعد ذلك في الدنيا .
الثاني : نموت نحن ونحيا بسبب بقاء أولادنا .
الثالث : قال الزّجاج : الواو للاجتماع{[50712]} والمعنى : يموت بعضٌ ويحيا بعضٌ .
الرابع : قال ابن الخطيب : إنَّه تعالى قدم ذكر الحياة فقال : { مَا هِيَ إِلاَّ حَيَاتُنَا الدنيا } ثم قال بعده : { نَمُوتُ وَنَحْيَا } يعني أن تلك الحياة منها ما يطرأ عليها الموت وذلك في حق الذين ماتوا ومنها ما لم يطرأ عليه الموت بعد ، وذلك في حق الأحياء الذين لم يموتوا بعد{[50713]} .
قوله : { وَمَا يُهْلِكُنَآ إِلاَّ الدهر } أي وما يُفنينا إلا مرُّ الزمان ، وطول العمر ، واختلافُ الليل والنهار { وَمَا لَهُمْ بِذَلِكَ } الذي قالوه { مِنْ عِلْمٍ } أي لم يقولوه عن علم عَلِموه { إِنْ هُمْ إِلاَّ يَظُنُّونَ } .
روى أبو هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «قال الله تعالى : لاَ يَقُل ابْنُ آدَمَ يا خَيْبَةَ الدَّهْرِ فَإِنِّي أَنَا أُرْسِلُ اللَّيْلَ والنَّهَارَ فَإِذَا شِئْتُ قَبَضْتُها »{[50714]} وعنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «لا يَسُبَّ أحدُكُمْ الدَّهْرَ فإنَّ الدَّهْرَ هُوَ اللهُ ، وَلاَ يَقُولَنَّ لِلْعِنَبِ الكرْمَ ، فإنََّ الكَرْمَ هُوَ الرَّجُلُ المُسْلِمُ{[50715]} » ومعنى الحديث أن العرب كان من شأنها ذم الدهر وسبه عند النوازل ، لأنهم كانوا ينسبون إليه ما يصيبهم من المصائب والمكاره فيقولون : أصابتهم قوارعُ الدهر ، وأبادهم الدهرُ ، كما أخبر الله عنهم : { وَمَا يُهْلِكُنَآ إِلاَّ الدهر } فإذا أضافوا إلى الدهر ما نالهم من الشدائد سبوا فاعلها فكان يرجع سَبُّهم إلى الله عز وجل ؛ إذ هو الفاعل في الحقيقة للأمور التي يضيفونها إلى الدهر فنهُوا عن سبِّ الدهر{[50716]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.