قوله : { وَمِنْهُمْ مَّن يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ } يعنى الكفار منهم من يستمع إليك يعني المنافقون يستمعون إليك فلا يسمعونه ، ولا يَفْهَمُونَه تهاوناً . والضمير في قوله : «وَمِنْهُمْ » يحتمل أن يرجع إلى معنى قوله : { هُوَ خَالِدٌ فِي النار وَسُقُواْ مَاءً حَمِيماً } يعنى ومن الخالدين في النار قوم يستمعون إليك{[51350]} .
قوله { حتى إِذَا خَرَجُواْ مِنْ عِندِكَ } قال المفسرون : حَتَّى للعطف . قالوا : والعطف بحتى لا يحسُنُ إلا إذا كان المعطوف جُزْءاً من المعطوف عَلَيْهِ إمَّا أعلاه وإما أدونه ، كقولك : أَكْرَمَنِي النَّاسُ حَتَّى المَلِكُ وجاء الحُجَّاجُ حَتَى المُشَاةُ . وفي الجملة ينبغي أن يكون المعطوف متعلّقاً بالمعطوف عليه من حيث المعنى . ولا يشترط بالعطف بالواو ذلك . فوجه التعلق ههنا هو أن قوله : { حتى إِذَا خَرَجُواْ مِنْ عِندِكَ } يفيد معنًى واحداً في الاستماع كأنه يقول : يستمعون استماعاً بالغاً جيداً لأنهم يستمعون وإذا خرجوا يستعيدون من العلماء كما يفعله المجتهد في التعلُّم الطالب للتفهم ، يفعلون ذلك استهزاء كما قال تعالى عنهم : { وَإِذَا خَلَوْاْ إلى شَيَاطِينِهِمْ قالوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ } [ البقرة : 14 ] . ويحتمل أن يكون فعلهم ذلك لعدم فهمهم . والأول يؤيده قوله تعالى : { كَذَلِكَ يَطْبَعُ الله على قُلُوبِ الكافرين } [ الأعراف : 101 ] ، وقوله بعد ذلك { أولئك الذين طَبَعَ الله على قُلُوبِهِمْ واتبعوا أَهْوَاءَهُمْ } أي تركوا اتّباعَ الحقِّ ، إما لعدم الفهم أو لعدم الاستفادة{[51351]} .
أحدهما : أنه منصوب على الحال فقدَّره أبو البقاء : ماذا{[51352]} قال مُوْتَنِفاً ؟ وقدره غيره مبتدئاً أي ما القول الذي ائْتَنَفَهُ الآن قبل انْفصاله عنه ؟{[51353]}
والثاني : أنه منصوب على الظرف أي ماذا قال الساعة . قاله الزمخشري{[51354]} . وأنكره أبو حيان قال : لأنا لم نعلم أحداً عده من الظروف{[51355]} .
واختلفت عبارتهم في معناه ؛ فظاهر عبارة الزمخشري أنه ظرف حالي كالآنَ ، ولذلك فسّره بالسَّاعةِ{[51356]} .
وقال ابن عطية : والمفسرون يقولون : آنفاً معناه الساعة الماضية القريبة منا وهذا تفسير بالمعنى{[51357]} . وقرأ البَزِّيُّ{[51358]} بخلاف عنه أنِفاً بالقصر . والباقون المدِّ ، وهما لغتان بمعنًى واحدٍ . وهما اسما فاعل كَحذر وحَاذِر وأَسنٍ وآسنٍ ؛ إلا أنه لم يستعمل لهما فعل مُجَرَّد ، بل المستعمل ائْتَنَفَ يأتَنِفُ ، واستأنف يَسْتَانِفُ والأئْتناف والاسْئتِنَاف الابتداء . قال الزجاج : هو من اسْتَأنَفْتُ الشَّيْءَ أي{[51359]} ابْتَدَأتُهُ أي ماذا قال في أول وقت يَقْرُبُ منَّا ؟{[51360]}
روى مقاتل ( رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ){[51361]} أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يخطب ويعيب المنافقين فإذا خرجوا من المسجد سألوا عَبْدَ الله بن مسعود استهزاءاً ماذا قال محمد آنفاً ؟ ثم قال تعالى : { أولئك الذين طَبَعَ الله على قُلُوبِهِمْ } فلم يؤمنوا واتَّبعوا أهواءهم في الكفر والنفاق{[51362]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.