قوله : { أَأُلْقِيَ الذِّكْرُ عَلَيْهِ مِن بَيْنِنَا } معناه أأنزل عليه الذكر ، وهُو الوحي{[54080]} «مِنْ بَيْنِنَا » حال من هاء «عليه » ، أي ألقي عليه منفرداً من بيننا أي خصص بالرسالة من بين آلِ ثمود وفيهم من هو أكثر مالاً وأحسن حالاً . وهو استفهام بمعنى الإنكار .
قوله : { بَلْ هُوَ كَذَّابٌ أَشِرٌ } الأشِرُ البَطِرُ ، يقال : أَشِرَ يأشَرُ أَشَراً فَهُو أشِرٌ كَفِرحَ ، وآشِرٌ كَضَارِبٍ وأَشْرَانُ كَسَكْرَانَ ، وأُشَارَى كَأُسَارَى .
وقرأ أبو قِلاَبَةَ : { بل هو الكَذَّابُ الأَشَرُّ } ، { مَنِ الكَذَّابُ الأَشَرُّ } ؟ بفتح الشين وتشديد الراء ، جَعَلَهُمَا أفعلَ تَفْضِيلٍ . وهو شاذ ، لأنه ( لم ) {[54081]} يحْذف الهمزة من لفظ الخَيْرِ والشّرّ في «أفعل » التفضيل ، تقول : زَيْدٌ خَيْرٌ مِنْ عَمْرو وشَرٌّ مِن بَكْرٍ{[54082]} ، ولا تقول : أخْيَرُ ولا أَشَرّ إلاَّ في نُذُورٍ كهذه القراءة{[54083]} وكقول رؤبة :
بِلاَلُ خَيْرُ النَّاسِ وَابْنُ الأَخْيَرِ{[54084]} *** . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وتثبت فيهما في التعجب نحو : ما أَخْيَرَهُ ومَا أَشَرَّهُ . ولا يحذف إلى في نُدَورٍ عكس أفعل التفضيل ، قالوا : مَا خَيْرَ اللَّبَنَ للصّحيح ، وَمَا شَرَّهُ لِلْمَبطُونِ . وهذا من محاسن الصِّناعة . وقرأ أبو قَيْس الأَوْدِيُّ ومجاهدٌ الحرف الثاني الأشُرُ بثلاث ضمات ، وتخريجها على أن فيه لغةً أُشُر بضم الشين كحُذُر وَحَذُر ، ثم ضمت الهمزة إِتباعاً لضمِّ الشين . ونقل الكسائي عن مجاهد ضم الشين وفتح الهمزة على أصل تِيكَ اللغة كَحَذُرٍ{[54085]} .
( الأَشر ) {[54086]} التحيّر والنشاط ، يقال : فَرَسٌ أَشِرٌ إذا كان مَرِحاً نَشِطاً . قال امرؤ القيس يصف كلباً :
فَيُدْرِكُنَا فَغِمٌ دَاجِنٌ *** سَمِيعٌ بَصِيرٌ طَلُوبٌ نَكِرْ
أَلَصّ الضُّرُوسِ حَنِيُّ الضُّلُوعِ *** تَبُوعٌ أَرِيبٌ نَشِيطٌ أَشِرْ{[54087]}
( و ) قيل : إنه المتعدي إلى منزلةٍ لا يستحقها . وقال ابن زيد وعبد الرحمان بن حماد : الأَشِرُ الذي لا يُبَالِي ما قال .
وفي قراءة أبي قلابة بفتح الشين وتشديد الراء فالمعنى أَشَرُّنَا وأَخْبَثُنَا .
فإن قيل : قولهم : بل هو كذاب يستدعي أمراً مضروباً عنه فما هو ؟
فالجواب : قولهم : أألقي للإنكار فكأنهم قالوا : مَا ألقي ، ثم إنَّ قولَهم : أألقي عليه الذكر لا يقتضي إلا أنه ليس بِنبِيٍّ ، وقول القائل : ليس بِنبي لا يلزم منه أنه كاذب فكأنهم قالوا ليس بنبي ، ثم قالوا : بل هو ليس بصادقٍ{[54088]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.