قوله : { فَأَصْبَحَتْ كالصريم } . والصرام : جذاذ النخلِ ، وأصل المادة الدلالة على القطع ، ومنه الصُّرم ، والصَّرْم - بالضم والفتح - وهو القطيعة ؛ قال امرؤ القيس : [ الطويل ]
4821 - أفَاطِمُ مَهْلاً بَعْضَ هذا التَدلُّلِ*** وإنْ كنتِ قَدْ أزمَعْتِ صَرْمِي فأجْملِي{[57621]}
ومنه الصريمة ، وهي قطعة منصرمة عن الرمل لا تنبت شيئاً ؛ قال : [ البسيط ]
4822 - وبالصَّريمَةِ مِنْهُمْ مَنْزِلٌ خَلَقٌ*** عَافٍ تَغَيَّرَ ، إلاَّ النُّؤيُ والوتِدُ{[57622]}
والصارم : القاطع الماضي ، وناقة مصرمة : انقطع لبنها ، وانصرم الشهر والسنة ، أي : قرب انفصالهما ، وأصرم زيد : ساءت حاله ، كأنه انقطع سعده .
فقوله «كالصَّريمِ » . قيل : هي الأشجار المنْصَرِم حملها .
وقال ابن عباس : كالليل ؛ لأنه يقال له : الصريم ، لسواده{[57623]} ، والصريم أيضاً : النهار وقيل : الصُّبحُ ؛ لأنه انصرم من الليلة ، قاله الأخفش . فهو من الأضداد .
وقال شمر : الصريم الليل ، والصريم النهار .
وقيل : الصريم : رملة معروفة باليمنِ لا تنبت شيئاً .
وقال الثوريُّ : كالزرع المحصود ، فالصريم بمعنى المصروم ، أي : المقطوع ما فيه .
وقال الحسنُ : صرم عنها الخير ، أي : قطع{[57624]} ، فالصريم مفعول أيضاً .
وقال المؤرج : أي : كالرملة انصرمت من معظم الرمل ، يقال : صريمة وصرائم ، فالرملة لا تنبت شيئاً ينتفع به .
وقيل : سمي الليل صريماً ؛ لأنه يقطع بظلمته عن التصرف ، ولهذا يكون «فَعِيْل » ، بمعنى «فاعل » .
قال القشيريُّ : وفي هذا نظر ؛ لأن النهار يسمى صريماً ، ولا يقطع عن التصرف .
وقيل : سمي الليل صريماً ؛ لأنه يصر نور البصر ويقطعه .
فصل في بيان أن العزم مما يؤاخذ به الإنسان .
قال القرطبيُّ : في الآية دليل على أن العزم مما يؤاخذ به الإنسان . لأنهم عزموا على أن يفعلوا ، فعوقبوا على فعلهم ؛ ونظيره قوله تعالى : { وَمَن يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُّذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ }[ الحج : 25 ] .
وفي الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم :«إذَا التَقَى المُسلِمَانِ بِسيْفِهِمَا فالقَاتِلُ والمَقْتُولُ في النَّارِ ، قيل : يا رسول الله ، هذا القاتل فما بال المقتول ؟ قال : إنَّه كَانَ حريصاَ على قَتْلِ صاحِبهِ »{[57625]} . وقد مضى في آل عمران عند قوله : { وَلَمْ يُصِرُّواْ على مَا فَعَلُواْ }[ آل عمران : 135 ] .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.