اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{كَلَّا بَلۡ تُكَذِّبُونَ بِٱلدِّينِ} (9)

قوله تعالى : { كَلاَّ بَلْ تُكَذِّبُونَ بالدين } .

العامة : على «تكذبون » خطاباً ، والحسنُ وأبو جعفر وشيبة{[59537]} : بياء الغيبة .

قال ابن الخطيب{[59538]} : لما بين بالدلائل العقلية صحة القول بالبعث ، والنشور على الجملة فرع عليها شرح تفاصيل الأحوال المتعلقة بذلك ، وهي أنواع :

الأول : أنه - تعالى - زجرهم عن ذلك الاغترار بقوله «كلا » ، و«بل » : حرف وضع في اللغة لنفي شيء قد تقدَّم تحقيق غيره ، فلا جرم ذكروا في تفسير «كلاًّ » وجوهاً :

الأول : قال القاضي : معناه أنكم لا تستقيمون على توجيه نعمي عليكم ، وإرشادي لكم ، بل تكذبون بيوم الدين .

الثاني : «كَلاَّ » ردعٌ ، أي : ارتدعوا عن الاغترار بكرم الله تعالى ، كأنه قال : وإنهم لا يرتدعون عن ذلك ، بل يكذِّبون بالدين .

الثالث : قال القفال : أي : ليس الأمر كما تقولون من أنه لا بعث ، ولا نشور ؛ لأن ذلك يوجب أن الله - تعالى - خلق الخلق عبثاً وحاشاه من ذلك ، ثم كأنه قال : إنهم لا ينتفعون بهذا البيان ، بل يكذبون بالدين .

وقل الفراء : ليس كما غررت به ، والمراد بالدين : الجزاء على الدين والإسلام .

وقيل : المراد من الدين : الحساب ، أي : تكذِّبون بيوم الحساب .


[59537]:ينظر: المحرر الوجيز 5/447، والدر المصون 6/489.
[59538]:ينظر: الفخر الرازي 31/75.