تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{وَإِذَآ أُنزِلَتۡ سُورَةٌ أَنۡ ءَامِنُواْ بِٱللَّهِ وَجَٰهِدُواْ مَعَ رَسُولِهِ ٱسۡتَـٔۡذَنَكَ أُوْلُواْ ٱلطَّوۡلِ مِنۡهُمۡ وَقَالُواْ ذَرۡنَا نَكُن مَّعَ ٱلۡقَٰعِدِينَ} (86)

وقوله تعالى : ( وَإِذَا أُنزِلَتْ سُورَةٌ أَنْ آمِنُوا بِاللَّهِ وَجَاهِدُوا مَعَ رَسُولِهِ ) أي ( وإذا أنزلت سورة ) فيها ( أن آمنوا بالله ) لا إنها تنزل سورة بهذا الحرف ، ولكن فيها ذكر ( أن آمنوا بالله وجاهدوا مع رسوله ) وهو كقوله : ( فإذا أنزلت سورة محكمة وذكر فيها القتال )[ محمد : 20 ] وقوله : ( أن آمنوا بالله ) بقلوبكم[ في الأصل وم : بقلوبهم ] لأنهم قد أظهروا الإيمان باللسان ، وهم لم يكونوا مؤمنين بالله حقيقة .

وقوله تعالى : ( اسْتَأْذَنَكَ أُوْلُوا الطَّوْلِ مِنْهُمْ ) قيل ( أُوْلُوا الطَّوْلِ مِنْهُمْ ) هم أهل الغنى والسعة ، وقيل ( أولوا الطول ) أهل الفضل والشرف الذين كانوا يصدرون لآرائهم ، وينظرون إلى تدبيرهم ، وقد كان في أهل النفاق أهل السعة والغنى وأهل النظر و التدبير .

وقوله تعالى : ( وَقَالُوا ذَرْنَا نَكُنْ مَعَ الْقَاعِدِينَ ) استأذنوا القعود عن الجهاد ، والله أعلم ، لما كانوا يوالون أهل الكفر سرا ، فكرهوا القتال مع الأولياء ، أو كانوا يتخلفون ، ويمتنعون عن الخروج إلى القتال .

وأما أهل الإيمان فإنهم إنما يعملون للعواقب ، وكذلك أهل الكفر إنما يقاتلون أهل الإيمان [ وأما المنافقون فإنهم يأملون غنيمة في العامة ][ في الأصل وم : إما غنيمة في العاقبة يتأملون ] لكنهم كانوا يستأذنون القعود ، ويكونون مع القاعدين ، [ يرون ][ من م ، ساقطة من الأصل ] من أنفسهم أن لهم العذر في القعود .

ثم قوله : ( وَقَالُوا ذَرْنَا نَكُنْ مَعَ الْقَاعِدِينَ ) يحتمل ( مع القاعدين ) من الضعفاء والمرضى الصبيان حتى إذا أتاهم العدو من بعد ما خرج الرجال منهم إلى قتال العدو ، عن هؤلاء ، أو يكون قوله ( وَقَالُوا ذَرْنَا نَكُنْ مَعَ الْقَاعِدِين ) من أهل العذر ، يرون أنفسهم أنه أهل العذر ، ولم يكن لهم عذر في ذلك كقوله : ( إن بيوتنا عورة وما هي بعورة ) الآية[ الأحزاب : 13 ] فعلى ذلك الأول يحتمل هذا .