اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{نَاصِيَةٖ كَٰذِبَةٍ خَاطِئَةٖ} (16)

قوله : { نَاصِيَةٍ } بدل من «النَّاصية » ، بدل نكرة من معرفة .

قال الزمخشريُّ{[60558]} : «وجاز بدلها عن المعرفة ، وهي نكرة ، لأنها وصفت ، فاستقلت بفائدة » .

قال شهاب الدِّين{[60559]} : وهذا مذهب الكوفيين ، لا يجيزون إبدال نكرة من غيرها إلا بشرط وصفها ، وكونها بلفظ الأول ، ومذهب البصريين : لا يشترط بشيءٍ ؛ وأنشدوا : [ الوافر ]

5259- فَلاَ وأبِيكَ خَيْرٌ مِنْكَ إنِّي*** ليُؤذِينِي التَّحَمحُمُ والصَّهِيلُ{[60560]}

وقرأ أبو حيوة ، وابن أبي عبلة{[60561]} ، وزيد بن علي : بنصب «ناصِية كَاذِبَة خَاطِئة » على الشتم .

وقرأ الكسائي في رواية{[60562]} : بالرفع ، على إضمار : هي ناصية ، ونسب الكذب والخطأ إليها مجازاً . والألف واللام في «الناصية » قيل : عوض من الإضافة ، أي : بناصيته .

وقيل : الضمير محذوف ، أي : الناصية منه .

فصل في معنى الآية

والمعنى : لنأخذنّ بناصية أبي جهل «كاذبة » في قولها ، «خاطئة » في فعلها ، والخاطئ معاقب مأخوذ ، والمخطئ غير مأخوذ ، ووصفت الناصية بأنها خاطئة كوصف الوجوه بالنظر في قوله { إلى ربها ناظرة } ، وقيل : إن صاحبها كاذب خاطئ ، كما يقال : ليل قائم ونهار صائم ، أي صائم في النهار وقائم في الليل ، وإنما وصف الناصية بالكاذبة ، لأنه كان كاذباً على الله تعالى في أنه لم يرسل محمداً صلى الله عليه وسلم ، وكاذباً على رسوله صلى الله عليه وسلم في أنه ساحر ، وكاذب أنه ليس بنبي ؛ لأن صاحبها يتمرد على الله تعالى ، كما قال تعالى : { لاَّ يَأْكُلُهُ إِلاَّ الخاطئون } [ الحاقة : 37 ] .


[60558]:الكشاف 4/778.
[60559]:الدر المصون 6/547.
[60560]:تقدم.
[60561]:ينظر: المحرر الوجيز 5/503، والبحر المحيط 8/491، والدر المصون 6/547.
[60562]:ينظر السابق.