قوله : { إِنَّ الإنسان لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ } . هذا هو المقسم عليه ، و«لرَبِّهِ » متعلق بالخبر ، وقدم الفواصل ، والكنُود : الجحود .
وقيل : الكفور لنعمه ، وأنشد : [ الطويل ]
5281- كَنُودٌ لِنعْمَاءِ الرِّجَالِ ومَنْ يَكُنْ *** كَنُوداً لِنعْماءِ الرِّجَالِ يُبعَّدِ{[60714]}
وعن ابن عباس - رضي الله عنهما - هو بلسان «كندة » و«حضرموت » : العاصي ، وبلسان «ربيعة » و «مضر » : الكفور ، وبلسان «كنانة » : البخيل{[60715]} .
5282- إنْ تَفُتْنِي فلمْ أطِبْ عَنْكَ نَفْساً *** غَيْرَ أنِّي أمْسِي بِدهْرٍ كَنُودِ{[60716]}
وقيل : لسان الجاحد للحق . وقيل : إنما سميت كندة ؛ لأنها جحدت أباها .
وقيل : الكنود : من كند إذا قطع ، كأنه يقطع ما ينبغي أن يواصله من الشكر ، ويقال : كند الخيل : إذا قطع ؛ قال الأعشى : [ المتقارب ]
5283- يُعْطِي عَطاءً بِصُلبِ الفُؤادِ *** وصُولِ حِبَالٍ وكنَّادِهَا{[60717]}
فهذا يدل على القطع ، ويقال : كند يكند كنوداً ، أي : كفر النعمة وجحدها ، فهو كنود ، وامرأة كنود أيضاً ، وكند مثله ؛ قال الأعشى : [ الكامل ]
5284- أحْدِثْ لهَا تُحدِثُ لوصْلِكَ إنَّهَا *** كُنُدٌ لوِصْلِ الزَّائرِ المُعْتَادِ{[60718]}
أي : كفور للمواصلة ، وروى أبو أمامة الباهلي - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «الكنُودُ : هُو الَّذي يَأكلُ وحدهُ ، ويمنعُ رفدهُ ، ويَضربُ عَبْدَهُ » خرجه الترمذي الحكيم في نوادر الأصول{[60719]} . وقال الحسن : الكنود اللوام لربه ، يعد المحن والمصيبات ، وينسى النعم والراحات ، وهو كقوله تعالى : { وَأَمَّآ إِذَا مَا ابتلاه فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ ربي أَهَانَنِ } [ الفجر : 16 ] .
واعلم أن الكنود لا يخرج عن أن يكون كفراً أو فسقاً ، وكيفما كان فلا يمكن حمله على كل الناس ، فلا بد من صرفه إلى كافر معين ، وإن حملناه على الكل فالمعنى أن طبع الإنسان يحمله على ذلك إلا إذا عصمه الله بلطفه وتوفيقه .
قال ابن عباس : الإنسان هنا الكافر ، يقول : إنه لكفور ، ومنه الأرض الكنود التي لا تنبت شيئاً{[60720]} . وقال الضحاك : نزلت في الوليد بن المغيرة . وقال أبو بكر الواسطي : الكنُود : الذي ينفق نعم اللهِ في معاصي الله .
وقال ذو النون المصري : الهلوع ، والكنود : هو الذي إذا مسه الشرُّ جزوعٌ ، وإذا مسَّه الخيرُ منوع . وقيل : هو الحسود الحقود .
قال القرطبي{[60721]} : «هذه الأقوال كلُّها ترجع إلى معنى الكفران والجحود » .
وقال ابن عباس - رضي الله عنه - نزلت في قرط بن عبد الله بن عمرو بن نوفل القرشي ، لقوله : { أَفَلاَ يَعْلَمُ إِذَا بُعْثِرَ مَا فِي القبور } [ العاديات : 19 ] ولا يليق إلا بالكافر المنكر لذلك{[60722]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.