فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{وَأُتۡبِعُواْ فِي هَٰذِهِ ٱلدُّنۡيَا لَعۡنَةٗ وَيَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِۗ أَلَآ إِنَّ عَادٗا كَفَرُواْ رَبَّهُمۡۗ أَلَا بُعۡدٗا لِّعَادٖ قَوۡمِ هُودٖ} (60)

{ وَأُتْبِعُواْ فِي هذه الدنيا لَعْنَةً } أي : ألحقوها ، وهي : الإبعاد من الرحمة والطرد من الخير ، والمعنى : أنها لازمة لهم لا تفارقهم ما داموا في الدنيا { و } أتبعوها { يَوْمُ القيامة } فلعنوا هنالك كما لعنوا في الدنيا { أَلا إِنَّ عَادًا كَفَرُواْ رَبَّهُمْ } أي : بربهم . وقال الفراء : كفروا نعمة ربهم ، يقال : كفرته وكفرت به : مثل : شكرته وشكرت له { أَلاَ بُعْدًا لعَادٍ قَوْمِ هُودٍ } أي : لا زالوا مبعدين من رحمة الله ، والبعد : الهلاك ، والبعد : التباعد من الخير ، يقال : بعد يبعد بعداً : إذا تأخر وتباعد ، وبعد يبعد بعداً : إذا هلك ، ومنه قول الشاعر :

لا يبعدن قومي الذين هم *** سم العداة وآفة الجزر

وقال النابغة :

فلا تبعدن إنّ المنية منهل *** وكل امرئ يوماً به الحال زائل

ومنه قول الشاعر :

ما كان ينفعني مقال نسائهم *** وقتلت دون رجالهم لا تبعد

وقد تقدّم أن العرب تستعمله في الدعاء بالهلاك .

/خ60