اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{وَأُتۡبِعُواْ فِي هَٰذِهِ ٱلدُّنۡيَا لَعۡنَةٗ وَيَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِۗ أَلَآ إِنَّ عَادٗا كَفَرُواْ رَبَّهُمۡۗ أَلَا بُعۡدٗا لِّعَادٖ قَوۡمِ هُودٖ} (60)

ثم قال : { وَأُتْبِعُواْ فِي هذه الدنيا لَعْنَةً } أي : أردفُوا لعنة تلحقهم ، وتصاحبهم في الدنيا وفي الآخرة . واللعنة : هي الإبعادُ ، والطَّردُ عن الرَّحمةِ .

ثم بيَّن السَّبب في نزول هذه الأحوال فقال : { ألا إِنَّ عَاداً كَفَرُواْ رَبَّهُمْ } أي : كفروا بربهم فحذف الباء . وقيل : هو من باب حذف المضافِ ، أي كفروا نعمة ربِّهم .

ثم قال : { أَلاَ بُعْداً لِّعَادٍ قَوْمِ هُودٍ } قيل : بُعْداً من رحمةِ الله ، وقيل : هلاكاً . وللبعد معنيان :

أحدهما : ضدَّ القربِ ، يقال منه : بَعُدَ يَبْعُدُ بُعْداً .

والآخر : بمعنى الهلاك فيقال منه : بَعِد يَبعِدُ بَعَداً وبَعُداً .

فإن قيل : اللعن هو البُعْدُ ، فلمَّا قال : { وَأُتْبِعُواْ فِي هذه الدنيا لَعْنَةً وَيَوْمَ القيامة } فما فائدةُ قوله : { أَلاَ بُعْداً لِّعَادٍ قَوْمِ هُودٍ } ؟ .

فالجواب : كانوا عاديَيْن .

فالأولى هم قوم هود الذين ذكرهم الله في قوله { أَهْلَكَ عَاداً الأولى } [ النجم : 50 ] .

والثانية أصحاب إرم ذات العمادِ .

وقيل : المبالغة في التَّنْصيصِ تدلُّ على مزيد التأكيد .