مفاتيح الغيب للرازي - الفخر الرازي  
{تَتَجَافَىٰ جُنُوبُهُمۡ عَنِ ٱلۡمَضَاجِعِ يَدۡعُونَ رَبَّهُمۡ خَوۡفٗا وَطَمَعٗا وَمِمَّا رَزَقۡنَٰهُمۡ يُنفِقُونَ} (16)

ثم قال تعالى : { تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفا وطمعا ومما رزقناهم ينفقون }

يعني بالليل قليلا ما يهجعون وقوله : { يدعون ربهم } أي يصلون ، فإن الدعاء والصلاة من باب واحد في المعنى أو يطلبونه وهذا لا ينافي الأول لأن الطلب قد يكون بالصلاة ، والحمل على الأول أولى لأنه قال بعده : { ومما رزقناهم ينفقون } وفي أكثر المواضع التي ذكر فيها الزكاة ذكر الصلاة قبلها كقوله تعالى : { ويقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون } وقوله : { خوفا وطمعا } يحتمل أن يكون مفعولا له ويحتمل أن يكون حالا ، أي خائفين طامعين كقولك جاؤني زورا أي زائرين ، وكأن في الآية الأولى إشارة إلى المرتبة العالية وهي العبادة لوجه الله تعالى مع الذهول عن الخوف والطمع بدليل قوله تعالى : { إذا ذكروا بها خروا } فإنه يدل على أن عند مجرد الذكر يوجد منهم السجود وإن لم يكن خوف وطمع . وفي الآية الثانية إشارة إلى المرتبتين الأخيرتين وهي العبادة خوفا كمن يخدم الملك الجبار مخافة سطوته أو يخدم الملك الجواد طمعا في بره ، ثم بين ما يكون لهم جزاء فعلهم .