{ تَتَجَافَى } أي ترتفع وتنتحي ، وهو تفاعل من الجفا ، والجفا : التبوّء والتباعد ، تقول العرب : جاف ظهرك عن الجدار ، وجفت عين فلان عن الغمض إذا لم تنم . { جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ } .
أخبرني أبو عبدالله الحسين بن محمد بن الحسن قال : أخبرني أبو عمرو عثمان بن أحمد ابن سمعان الوزان ، عن عبدالله بن قحطبة بن مرزوق ، عن محمد بن موسى الحرشي ، عن الحرث بن وحيه الراسبي قال : سمعت مالك بن دينار يقول : سألت أنس بن مالك عن قول الله تعالى : { تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ } ، فقال أنس : كان أُناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يُصلّون من صلاة المغرب إلى صلاة العشاء الآخرة ، فأنزل الله تعالى : { تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ } .
أخبرني الحسين بن محمد [ عن موسى بن محمد ، عن الحسن بن محمد ، عن موسى بن محمد ] عن الحسن بن علويه ، عن إسماعيل بن عيسى ، عن المسيب ، عن سعيد بن أبي عروبة ، عن قتاده ، عن أنس بن مالك قال : نزلت فينا معاشر الأنصار : { تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ } الآية ، كنّا نصلّي المغرب ، فلا نرجع إلى رحالنا حتّى نصلّي العشاء مع النبي صلّى الله عليه وآله وسلم .
وأخبرنا الحسين بن محمد عن عبدالله بن إبراهيم بن علي بن عبدالله ، عن عبدالله بن محمد بن وهب ، عن محمد بن حميد ، عن يحيى بن الضريس ، عن النضر بن حميد ، عن سعيد ، عن الشعبي عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من عقّب ما بين المغرب والعشاء بُني له في الجنّة قصران ( ما بينهما ) مسيرة ( مائة ) عام ، وفيهما من الشجر ، ما لو نزلها أهل المشرق وأهل المغرب لأوسعتهم فاكهة ، وهي صلاة الأوّابين وغفلة الغافلين ، وإنّ من الدعاء المستجاب الذي لا يرد الدعاء ما بين المغرب والعشاء " .
وقال عطاء : يعني يصلّون صلاة العتمة لا ينامون عنها ، يدلّ عليها ما أنبأني عبدالله بن حامد ، عن عبدالصمد بن الحسن بن علي بن مكرم ، عن السري بن سهل ، عن عبدالله بن رشيد قال : أنبأني أبو عبيدة مجاعة بن الزبير ، عن أبان قال : جاءت امرأة إلى أنس بن مالك ، فقالت : إنّي أنام قبل العشاء . فقال : لا تنامي . فإنّ هذه الآية نزلت في الذين لا ينامون قبل العشاء الآخرة { تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ } . وقال أبو العالية والحسن ومجاهد وابن زيد : هو التهجّد وقيام الليل ، ودليل هذا التأويل ما أخبرنا أبو عبدالله بن فنجويه عن أبي بكر بن مالك القطيعي ، عن عبدالله بن أحمد بن حنبل عن أَبي عن زيد بن الحبّاب ، عن حمّاد بن سلمة ، عن عاصم ، عن شهر بن حوشب ، عن معاذ ، عن النبي صلى الله عليه وسلم : { تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ } { يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً } قال : قيام العبد في الليل .
وأخبرنا عبدالله بن حامد الأصفهاني ، عن محمّد بن عبدالله بن عبد الواحد الهمداني ، عن إسحاق بن إبراهيم الدبري ، عن عبد الرزاق بن معمر ، عن عاصم بن أبي النجود عن أبي وائل ، " عن معاذ قال : كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فأصبحت قريباً منه ونحن نسير ، فقلت : يا نبيّ الله ألا تخبرني بعمل يدخلني الجنّة ، ويباعدني من النار ؟ قال : يا معاذ ، لقد سألت عن عظيم ، وإنّه ليسير على من يسّرهُ الله عليه ، تعبد الله لا تشرك به شيئاً ، وتقيم الصلاة ، وتؤتي الزكاة ، وتصوم رمضان ، وتحجّ البيت . ثمّ قال : ألاَ أدلُّك على أبواب الخير . الصوم جُنّة من النار والصدقة تطفئ غضب الربّ وصلاة الرجل في جوف الليل ثمّ قرأ { تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ } حتّى بلغ { جَزَآءً بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } ثمّ قال : ألا أخبرك بملاك ذلك كلّه . فقلتُ : بلى يا رسول الله . فأخذ بلسانه . فقال : " اكفف ، عليك هذا " .
فقلت : يا رسول الله وإنّا لمؤاخذون بما نتكلّم ؟ فقال : " ثكلتك أُمّك يا معاذ وهل يكبّ الناس في النّار على وجوههم أو على مناخرهم إلاّ حصائد ألسنتهم " " .
وقال الضحّاك : هو أنْ يصلّي الرجل العشاء والغداة في جماعة .
أخبرني الحسين بن فنجويه عن أحمد بن الحسين بن ماجة قال : أخبرني أبو عوانة الكوفي بالري عن منجاب بن الحرث عن علي بن مسهر عن عبدالرحمن بن إسحاق عن شهر بن حوشب عن أسماء بنت يزيد قالت : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " إذا جمع الله الأوّلين والآخرين يوم القيامة جاء مناد فنادى بصوت يُسمع الخلائق كلّهم : سيعلمُ أهل الجمع اليوم مَنْ أولى بالكرم ، ثمّ يرجع فينادي : ليقم الذين كانت تَتَجافَى جُنُوبُهُم عَنِ المَضَاجِعِ فيقومون وهم قليل ، ثم يرجع فينادي : ليقم الذين كانوا يحمدون الله في البأساء والضراء . فيقومون وهم قليل ، فيسرحون جميعاً إلى الجنّة ثمّ يحاسب سائر الناس " .
{ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ }
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.