البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{تَتَجَافَىٰ جُنُوبُهُمۡ عَنِ ٱلۡمَضَاجِعِ يَدۡعُونَ رَبَّهُمۡ خَوۡفٗا وَطَمَعٗا وَمِمَّا رَزَقۡنَٰهُمۡ يُنفِقُونَ} (16)

{ تتجافى جنوبهم } : أي ترتفع وتتنحى ، يقال : جفا الرجل الموضع : تركه .

قال عبد الله بن رواحة :

نبي تجافى جنبه عن فراشه *** إذا استثقلت بالمشركين المضاجع

وقال الزجاج والرماني : التجافي : التنحي إلى جهة فوق .

والمضاجع : أماكن الاتكاء للنوم ، الواحد مضجع ، أي هم منتبهون لا يعرفون نوماً .

وقال الجمهور : المراد بهذا التجافي صلاة النوافل بالليل ، وهو قول الأوزاعي ومالك والحسن البصري وأبي العالية وغيرهم .

وفي الحديث ، ذكر قيام الليل ، ثم استشهد بالآية ، يعني الرسول .

وقال أبو الدرداء ، وقتادة ، والضحاك : تجافي الجنب : هو أن يصلي العشاء والصبح في جماعة .

وقال الحسن : هو التهجد ؛ وقال أيضاً : هو وعطاء : هو العتمة .

وفي الترمذي ، عن أنس : نزلت في انتظار الصلاة التي تدعى العتمة .

وقال قتادة ، وعكرمة : التنفل ما بين المغرب والعشاء ، { يدعون } : حال ، أو مستأنف خوفاً وطمعاً ، مفعول من أجله ، أو مصدران في موضع الحال .

والظاهر أن الدعاء هو : الابتهال إلى الله ، وقيل : الصلاة .