نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَوۡ أَنَّ لَهُم مَّا فِي ٱلۡأَرۡضِ جَمِيعٗا وَمِثۡلَهُۥ مَعَهُۥ لِيَفۡتَدُواْ بِهِۦ مِنۡ عَذَابِ يَوۡمِ ٱلۡقِيَٰمَةِ مَا تُقُبِّلَ مِنۡهُمۡۖ وَلَهُمۡ عَذَابٌ أَلِيمٞ} (36)

ولما{[25743]} كان ترك هذه الأوصاف الثلاثة : التقوى وطلب الوسيلة والجهاد مزيلاً للوصف الأول وهو الإيمان ، ناسب كل المناسبة تحذيراً من تركها ذكرُ حال الكفار وأنه لا تنفعهم{[25744]} وسيلة في تلك الدار فقال معللاً لما قبله : { إن الذين كفروا } أي بترك ما في الآية السابقة ، ورتب الجزاء عن الماضي زيادة في التحذير { لو أن لهم ما في الأرض } وأكد ما أفهمه الكلام من استغراق الظرف والمظروف فقال : { جميعاً } أي مما كان يطلب منهم شيء يسير جداً منه ، وهو الإذعان بتصديق الجنان إنفاق الفضل من المال ، وزاد الأمر هولاً بقوله : { ومثله } ولما كان لدفع الفداء جملة ما ليس له مفرَّقاً قال { معه } .

ولما كان المقصود تحقير ذلك بالنسبة إلى عظمة يوم التغابن وإن كان عند{[25745]} الكفار الذين جعلوا غاية أمرهم الحياة الدنيا أعظم ما يكون ، والإفهام بأن المراد بالمثل الجنس ليشمل ما عساه{[25746]} أن يفرض من الأمثال ، أعاد الضمير على هذين الشيئين على كثرتهما وعظمتهما مفرداً{[25747]} ، فقال معبراً بالمضارع الدال على تجديد الرغبة في المسألة على سبيل الاستمرار و{[25748]} لأن السياق{[25749]} للمتصفين بالكفر والمحاربة لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم والسعي في الأرض بالفساد ، ولذلك صرح بنفي القبول على الهيئة الآتية : { ليفتدوا به } أي يجددوا الافتداء في كل لحظة ، أي{[25750]} بما ذكر { من عذاب يوم القيامة } .

ولما كان المراد تهويل الأمر بردّه ، وكان ذلك يحصل بغير تعيين الرادّ ، قال : { ما تقبل منهم } بالبناء للمفعول ، أي على حالة من{[25751]} الحالات وعلى يد من{[25752]} كان ، لأن المدفوع إليه ذلك تام القدرة وله الغنى المطلق .

ولما كان من النفوس ما{[25753]} هو سافل{[25754]} لا ينكّبه الرد{[25755]} ، وكان الرد{[25756]} لأجل إمضاء المُعَدِّ من العذاب ، قال مصرحاً بالمقصود : { ولهم } أي بعد ذلك { عذاب أليم * } أي بالغ الإيجاع بما أوجعوا أولياء الله بسترهم{[25757]} لما أظهروا من شموس{[25758]} البيان ، وانتهكوا من حرمات الملك الديان .


[25743]:زيد من ظ.
[25744]:في ظ: لا ينفعهم.
[25745]:في ظ: غير.
[25746]:من ظ، وفي الأصل: سناه- كذا.
[25747]:في ظ: منفردا.
[25748]:سقط من ظ.
[25749]:في ظ: المساق.
[25750]:سقط من ظ.
[25751]:سقط ما بين الرقمين من ظ.
[25752]:سقط ما بين الرقمين من ظ.
[25753]:في ظ: من.
[25754]:في ظ: لا يعليه الراد.
[25755]:في ظ: لا يعليه الراد.
[25756]:في ظ: الراد.
[25757]:من ظ، وفي الأصل: بستر لهم.
[25758]:من ظ، وفي الأصل: شمول.