تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَوۡ أَنَّ لَهُم مَّا فِي ٱلۡأَرۡضِ جَمِيعٗا وَمِثۡلَهُۥ مَعَهُۥ لِيَفۡتَدُواْ بِهِۦ مِنۡ عَذَابِ يَوۡمِ ٱلۡقِيَٰمَةِ مَا تُقُبِّلَ مِنۡهُمۡۖ وَلَهُمۡ عَذَابٌ أَلِيمٞ} (36)

وقوله تعالى : { إن الذين كفروا لو أن لهم ما في الأرض جميعا ومثله معه ليفتدوا به من عذاب يوم القيامة ما تقبل منهم } كان الذي يمنعهم عن الإسلام والإيمان بالله والرسل قضاء شهواتهم وطلب العز والشرف بالأموال ، فأخبر : { لو أن لهم ما في الأرض جميعا ومثله معه ليفتدوا به } في صرف العذاب عن أنفسهم { ما تقبل منهم } ولا ينفعهم ذلك . يذكر هذا ، والله أعلم ، ليصرفوا أنفسهم عن معاصي الله والخلاف له بأدنى شيء يطلبون من الأموال والشهوات . وأخبر أنه لو كان { لهم ما في الأرض جميعا ومثله معه ليفتدوا به من عذاب يوم القيامة } ما نفعهم ذلك ، و{ ما تقبل منهم } . والحكمة في هذا ، والله أعلم ، ليعلموا أن الآخرة ليست بدار تقبل فيها الرشا كما تقبل في الدنيا .

وقوله تعالى : { ولهم عذاب أليم } دل هذا على أن من العذاب ما لا ألم فيه من نحو الحبس والقيد . فأخبر أن عذاب الآخرة أليم كله ، ليس كعذاب الدنيا ؛ منه ما يكون أليما ، ومنه ما لا يكون .