مفاتيح الغيب للرازي - الفخر الرازي  
{وَهَٰذَا ٱلۡبَلَدِ ٱلۡأَمِينِ} (3)

أما قوله تعالى : { وهذا البلد الأمين } فالمراد مكة والأمين : الآمن قال صاحب «الكشاف » : من أمن الرجل أمانة فهو أمين وأمانته أن يحفظ من دخله كما يحفظ الأمين ما يؤتمن عليه ، ويجوز أن يكون فعيلا بمعنى مفعول من أمنه لأنه مأمون الغوائل ، كما وصف بالأمن في قوله : { حرما آمنا } يعني ذا أمن ، وذكروا في كونه أمينا وجوها ( أحدها ) : أن الله تعالى حفظه عن الفيل على ما يأتيك شرحه إن شاء الله تعالى ( وثانيها ) : أنها تحفظ لك جميع الأشياء فمباح الدم عند الالتجاء إليها آمن من السباع والصيود تستفيد منها الحفظ عند الالتجاء إليها ( وثالثها ) : ما روى أن عمر كان يقبل الحجر ، ويقول : إنك حجر لا تضر ولا تنفع ولولا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبلك ما قبلتك ، فقال له علي عليه السلام : إما أنه يضر وينفع إن الله تعالى لما أخذ على ذرية آدم الميثاق كتبه في رق أبيض ، وكان لهذا الركن يومئذ لسان وشفتان وعينان ، فقال : افتح فاك فألقمه ذلك الرق وقال : تشهد لمن وافاك بالموافاة إلى يوم القيامة ، فقال عمر : لأبقيت في قوم لست فيهم يا أبا الحسن .