غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{وَهَٰذَا ٱلۡبَلَدِ ٱلۡأَمِينِ} (3)

وأما طور سينين فالطور جبل موسى عليه السلام ، وسينين الحسن بلغة الحبشة . وقال مجاهد : المبارك . وقال الكلبي ومقاتل : كل جبل فيه شجر مثمر فهو سينين ، وسينا بلغة النبط . قال الواحدي : الأولى أن يكون سينين اسماً للمكان الذي فيه الطور سمي بذلك لحسنه أو لبركته ، ثم أضيف إليه الطور للبيان لإضافته إليه ، وسميت مكة أميناً لأنه يحفظ من دخله كما يحفظ الأمين وما يؤتمن عليه ، ويجوز أن يكون " فعيلاً " بمعنى " مفعولاً " لأنه مأمون الغوائل كما جعله آمناً لكونه إذا أمن . أقول : من المعلوم أن الإقسام ينبغي في باب البلاغة أن يكون مناسباً ، وكذا القسم والمقسم عليه ، وكان الله سبحانه أقسم بالمراتب الأربع التي للنفس الإنسانية من العقل الهيولاني والعقل بالملكة والعقل بالفعل والعقل المستفاد إن الإنسان خلق في أحسن تقويم وهو كونه مستعداً للوصول إلى المرتبة الرابعة في العلم والعمل ، ثم إذا لم يجتهد في الوصول إلى كماله اللائق به فكأنه رد إلى أسفل سافلين الطبيعة ، وإنما عبر عن العقل الهيولاني بالتين لضعف شجرته ، ولأنه زمان الصبا واللهو والالتذاذ والاشتغال بالأمور التي لا طائل تحتها ولا درك فيها بخلاف زمان العقل بالملكة لقوة المعقولات فيها لكونه بحيث يطلب للأشياء حقائق ومعاني ، وهي بمنزلة الزيت ، وفي زمان العقل بالفعل يكون قد ازدادت المعاني رسوخاً حتى صارت كالجبل المبارك ، وفي آخر المراتب اجتمعت عنده صور الحقائق دفعة بمنزلة المدينة الفاضلة ، ولعلنا قد كتبنا في هذا المعنى رسالة مفردة فلنقتصر في التفسير على هذا القدر من التأويل .

/خ7